الشفعة.. الحق المعطى لكل من يملك مع آخرين حظا شائعا في عقار في أن يشفع الحصة التي يبيعها شريكه وذلك مقابل أدائه لذلك المشتري ما بذله في شراء الحصة المشفوعة



الشفعة هي الحق المعطى لكل من يملك مع آخرين حظا شائعا في عقار في أن يشفع الحصة التي يبيعها شريكه وذلك مقابل أدائه لذلك المشتري ما بذله في شراء الحصة المشفوعة من ثمن ومصاريف العقد و قيمة التحسينات.
ويطلق اسم "الشفيع " على من له حق الشفعة و " المشفوع " على الشيء الذي تعلق به حق الشفعة و " المشفوع منه " على الشخص الذي يمارس ضده حق الشفعة، و" المشفوع به " على الشيء الذي وجبت به الشفعة.
كما هو معلوم فإن لكل نظام اجتماعي مصدر مادي وموضوعي وأصل تاريخي يرتكز عليه، ذلك أن النظم الاجتماعية مهما كانت درجتها من التقدم و الرقي لا يتأتى فهما على الوجه الصحيح إلا بالعودة إلى تاريخها و البحث عن جذورها الزمنية و المكانة بهدف الاستزادة من معرفة مراحل تطورها و نموها.
ونظام الشفعة بدوره لا يخرج عن هذه القاعدة، إذ تعتبر الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لها، إذ استمدت معظم التشريعات أحكام الشفعة من الفقه الإسلامي، لذلك يعتبر الفقه الإسلامي مصدرا تاريخيا لها يجب الرجوع إليه لمعرفة تفاصيل       و جزئيات أحكام الشفعة التي لم يرد فيها نص خاص.
لقد اتفق الفقهاء المسلمون على مشروعية الشفعة وأقروا الأخذ بها، فالشفعة ثابتة بالإجماع والسنة، فالأحاديث النبوية عديدة ومتنوعة.فقد ثبتت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقاسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة، و عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شريكة لم تقسم ربعة أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ و إن شاء ترك، فإذا باعه ولم يؤذنه فهو أحق به.   و في حديث آخر لجابر جاء فيه:       " الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحد.   و عن أبي رافع: " الجار أحق بسقيه ".
و قد جاء في الموطأ لإمام مالك، حدثنا يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب  عن أبي سلمى بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود بينهم فلا شفعة ".
وأخرج أبو داود بنص: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا محمد عن الزهري عن أبي سلمى بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال: إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.
الأحاديث المذكورة أعلاه رغم اختلاف ألفاظها و رواتها تدل على ثبوت الشفعة للشركاء في الملكية الشائعة وانتفائها إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق بينهم، دون أن يعارض في ذلك فقيه من فقهاء المذاهب الأربعة إلا ما تعلق بالنسبة للأحاديث المتعلقة في شفعة الجوار، وما رافق ذلك من تباين في وجهات النظر بين المذاهب الأربعة، فالمالكية والشافعية والحنابلة يرون الشفعة لا تثبت للجار واستدلوا على ذلك بأن الأحاديث الدالة على مشروعية الشفعة جاءت في الشركة وليست في الجوار، و أن الشفعة شرعت لدفع الضرر الذي قد يحدث بالمقاسمة في الملك المشترك و في الجوار كل مستقل بملكه فلا يوجد ضرر و بالتالي لا تثبت الشفعة.
أما الحنفية فيرون أن الشفعة تثبت للجار واستدلوا بالحديث الذي رواه أبو رافع – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن  الجار أحق بسقبه.
فرغم الاختلاف الذي وقع بين الفقهاء حول ثبوت الشفعة للجار فإن علماء الأمة الإسلامية وفقهائها يؤكدون على بثوث الشفعة بالسنة والإجماع كنظام من الأنظمة الفريدة التي عرفتها الشريعة الإسلامية، له أصوله التي يستمد منها أحكامه و قواعده.
أما التشريعات العربية فلم يشذ عنها في الأخذ بالشفعة إلا التشريع السوري الذي اعتبرها من الحقوق الضعيفة و لأن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد السورية لا توجب الاستمرار على الأخذ بها، فأقبل على إلغاء العمل بها بمقتضى قانون 1949.
أما باقي الدول العربية فقد استمدت أحكام الشفعة من الفقه الإسلامي وقننتها في نصوص خاصة، حيث نجد هذا النظام راسخا في تونس و الجزائر و مصر و لبنان و العراق و اليمن و غيرها،وحتى البلاد غير العربية أخذت بهذا النظام  حيث أخذت بهذا النظام  تشريعات ألمانيا و اسبانيا و سويسرا و تركيا.


مواضيع قد تفيدك: