شبكة المواصلات في بيروت: من الترامواي التاريخي إلى الحافلات الحديثة... رحلة تطور النقل العام في العاصمة

شبكة المواصلات في بيروت: بين الإرث التاريخي والواقع المعاصر

تُعد بيروت، كقلب نابض للبنان، محوراً رئيسياً للمواصلات يربط العاصمة بجميع مناطق البلاد وحتى بالمدن السورية المجاورة. شبكة النقل في المدينة هي مزيج فريد من الأساليب التقليدية والحديثة، وتُقدم خيارات متنوعة تعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمدينة.


1. وسائل النقل الجماعي: الحافلات والمحطات المركزية

تُعتبر الحافلات العمود الفقري للنقل العام في بيروت، وتخدم شريحة واسعة من السكان، لا سيما الطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل، نظراً لتعرفتها الاقتصادية.

  • محطة شارل حلو (Charles Helou): تُعد هذه المحطة نقطة انطلاق رئيسية، حيث تتمركز فيها الحافلات المتجهة إلى شمال لبنان وبعض المدن السورية، مما يجعلها شرياناً حيوياً للنقل بين العاصمة والمناطق الشمالية.
  • شركات النقل العام: تُقدم خدمات الحافلات شركتان رئيسيتان:
  1. الشركة اللبنانية للمواصلات (LCC): وهي شركة خاصة تتميز بحافلاتها الحديثة نسبيًا. تُشغل الشركة شبكة داخلية فعالة عبر 10 خطوط رئيسية تغطي المناطق الحيوية والمركزية في بيروت وضواحيها.
  2. مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك: وهي شركة عامة تديرها الدولة، وتتميز حافلاتها (التي غالبًا ما تكون ذات لون أحمر) بتغطية أوسع للمدينة، حيث تخدم 12 خطاً رئيسياً يصل إلى أجزاء مختلفة من بيروت، وتقدم بديلاً هاماً للمواطنين.

2. سيارات الأجرة: نظام "السرفيس" كجزء من الثقافة

تُعتبر سيارات الأجرة جزءاً لا يتجزأ من ثقافة النقل في بيروت، ويوجد نوعان رئيسيان يختلفان في السعر وطريقة التشغيل:

  • السرفيس: هو نظام أجرة مشتركة فريد من نوعه وشائع جداً. يقوم السائق بجمع عدة ركاب يتجهون في نفس الاتجاه أو إلى مناطق متقاربة. تتميز تعرفتها بأنها ثابتة نسبياً وأقل بكثير من الأجرة الخاصة. ولتجنب أي سوء فهم، جرت العادة أن يُخبر الراكب السائق بجهته، فإذا كانت ضمن حدود مسار "السرفيس"، تُطبق التعريفة المحددة، أما إذا كانت بعيدة أو خاصة، فيتم التفاوض على سعر أعلى يُعتبر "أجرة خاصة".
  • الميكروباصات: تعمل هذه المركبات الكبيرة كسيارات "سرفيس" جماعية، وتتخصص في نقل الأفراد من وإلى بيروت، وتُشكل رابطاً مهماً بين العاصمة وعدد كبير من البلدات والقرى اللبنانية.

3. إرث الترامواي: نهاية حقبة وبداية أخرى

لم تكن الحافلات هي وسيلة النقل الجماعي الوحيدة في تاريخ بيروت. فقد شهدت المدينة في الماضي نظاماً متقدماً هو الترامواي، والذي كان يرمز إلى الحداثة في أوائل القرن العشرين.

  • التاريخ: جرى الاحتفال بتدشين خط الترامواي الكهربائي في سبتمبر 1907، في عهد الوالي العثماني إبراهيم خليل باشا، وكان يغطي شبكة واسعة من طرقات المدينة، مما سهل حركة السكان بشكل كبير.
  • نهاية الخدمة: بعد أكثر من نصف قرن من الخدمة، اتخذت الحكومة قراراً بوقف عمل الترامواي بشكل نهائي في مايو 1964. تم استبدال خطوطه بالحافلات، وتم حينها تدريب سائقي الترامواي على قيادة الحافلات الجديدة لضمان الانتقال السلس إلى نظام نقل مختلف، مما يعكس نهاية حقبة تاريخية في المدينة وبداية أخرى.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال