علاقة أيت أوسا بقبيلة الركيبات.. الصراع بين الركيبات وتجكانت التي دخلت تحت حماية أيت اوسا مكونة من فخذة أجواكين في المنطقة الصحراوية الجنوبية الشرقية خلال العصر الوسيط المغربي



تنتجع قبائل الركيبات  جنوب المجال الترابي لقبيلة أيت اوسا، وهم ينتسبون الى" الشيخ سيدي أحمد الركيبي حفيد مولاي عبد السلام بن امشيش".


وقد دخلت بعض العائلات الركيبية تحت حماية قبائل تكنة نذكر منها على سبيل المثال: "السواعد" تحت حماية "أيت لحسن" و"أهل أفرييت" تحت حماية قبيلة أزوافيط.

يبقى الصراع بين أيت اوسا والركيبات هو ذلك الصراع التاريخي الذي نسجت على منواله  الكثير من الملامح والحكايات، وتؤكد كل المؤشرات ان علاقة أيت اوسا مع الركيبات كانت علاقة حسنة وهو ما يجسده المثل الحساني القائل: "الركيبات الخيمة وأيت اوسا الكفا".

وترجع الجدور الاولى لصراع ايت اوسا والركيبات الى ذلك الصراع التقليدي الدائر بين الركيبات وتجكانت التي دخلت لاحقا تحت حماية ايت اوسا مكونة من فخذة أجواكين، وهو صراع كان مسرحه المنطقة الصحراوية الجنوبية الشرقية خلال العصر الوسيط المغربي كما يؤكد ذلك صاحب المخطوط "أعلم أن أول من تقاتل معه الركيبات تجكانت وسبب ذلك أن رجلا من الرقيبات علمه الركيك بن الصغير كان مؤجرا عند تجكانت وعلى قراءة القرآن للصبيان، فطالب الرقيبي الجكني  بالبعير الملتزم له في الإجازة فتشاجر معه في المسجد فضربه الجكني بخنجر.. فلما بلغ الخبر لعامة الرقيبات اجتمعوا وانتدبوا رجالا من أعيانهم وذلك عام إحدى عشر من القرن الثالث عشر".

هذا يؤكد  إلى جانب الصراع كون الركيبات يحملون السلاح لأول مرة لأنهم انطلقوا من كونهم قبيلة مرابيطية تهتم بأمور معاشية ودينية في سلم تام.

وابتداءا من سنة 1910 تم عقد أول اتفاقية بين قبيلة أيت اوسا والركيبات ونصت تصفية الديون وتبادل الديات، وقد وقع الاتفاقية القائد محمد ولد الخرشي ونائبه سيدي ولد الخرشي والرباني ولد حمدي عن الجانب الايتوسي، والشيخ سيدي ابراهيم ولد مولاي يوسف ونائبه حسن ولد محمد احمد عن الجانب الركيبي، ومما جاء في الوثيقة: "وقعت اتفاقية بين اخواننا الاشقاء الذين اتفقوا عليها في واد لرمات بالصحراء الكبرى بتاريخ  أعلاه عام 1910 واتفقوا على جميع اللوازم والشروط التي بين أيت اوسا وأشقائهم من الركيبات".

وابتداءا من هذا التاريخ  تقوت العلاقات الثنائية بين القبيلتين خصوصا التجارية منها، كما تقوت الروابط الاجتماعية بيت القبيلتين.

لكن سرعان ما تلاشت هذه العلاقات بسبب الاستعمار الذي أشعل فتيل الحرب بين القبيلتين والذي نهج سياسة فرق تسد، حيث عمدت فرنسا الى نزع السلام من أفراد قبيلة أيت اوسا مخافة القيام باعمال فدائية ضد مصالحها، بينما بقيت الركيبات تحت الاستعمار الاسباني مسلحة ولكون ميزان القوى يعتمد على القوة المادية للقبيلة فان الركيبات كانت تشن هجومات مباغثة على تجمعات قبيلة أيت اوسا بصحراء الحمادة.

من هنا ظل الحقد لاصقا بالنفوس على مر العصور، ولاشك ان فحص الامور من جانبها الحقيقي  بعيدا عن كل  الحساسيات يمكن أن يفهم أفراد القبيلتين أن كل مخلفات الامس البعيد ما هي الا نتاج للفترة الاستعمارية بكل انواعها القمعية والاستغلالية من أجل طمس الذات والهوية.

فالملاحظ أن الغزوات التي كانت تقوم بها قبيلة أيت اوسا تطبعها في الغالب هالة من القداسة تختلط أحيانا بما هو أسطوري، فإذا كان محمد ولد الخرشي ينفرد "بالبركة "كزعيم، فإن باقي  اعراش القبيلة يتوزعون مهاما كثيرا ما  تحكمها وتوجهها اعتبارات خيالية،  حيث انه لا يمكن لأي شخص أن يضع راحلته على جمله أو سرجه على فرسه قبل أن يقوم بذلك فرد من عرش "امفاليس"، اما الرصاصة الأولى التي تنطلق  في اتجاه العدو فيجب أن تكون منطلقة من بندقية احد أفراد عرش "إيمغلاي".

وقد كانت لهذه الاعتبارات الخرافية دورا مهما في الانتصارات التي كانت القبيلة تحققها سواء في الحالات الهجومية أو الدفاعية.
إلا أن خيار الحرب لا يلجأ إليه إلا بعد استنزاف كل المحاولات السلمية، لأن الشر في حد ذاته مرفوض.
الشر اللي يكفي  بلاه -- ما يبغيه اللي كط راه
تتراجع الكوم السفاه -- الليــن حلو وزورو
يبكا همو ويبكا شكاه -- في اللي ما كان يدورو


مواضيع قد تفيدك: