الأوامر الاستعجالية في منازعات بيع السيارات بالسلف: تحليل لخصائصها الإجرائية، قواعد الاختصاص، وحجية كشف الحساب في استرداد المركبات

الأحكام الاستعجالية في عقود بيع السيارات بالسلف: تحليل لقاعدة الاختصاص، الإجراءات، وآليات تنفيذ الالتزامات

تتناول هذه القضية تحليلًا معمقًا لبعض المبادئ القانونية الأساسية المتعلقة بالأوامر الاستعجالية، خاصة تلك المرتبطة بعقود بيع السيارات بالسلف (التقسيط). يُسلط الضوء على طبيعة هذه الأوامر وإجراءات الطعن فيها، بالإضافة إلى مسألة حلول البائع محل المقرض في حقوقه، وفسخ العقد في حالة تقاعس المقترض عن السداد.


طبيعة الأوامر الاستعجالية وقواعدها الإجرائية:

تُصدر الأوامر الاستعجالية بصفة علنية وابتدائية. يُقصد بـ"ابتدائية" هنا أنها قابلة للاستئناف، لكنها لا تقبل الطعن بـالتعرض (وهو طعن يُقدم ضد الأحكام الغيابية). وهذا ما يُستفاد صراحةً من مقتضيات الفصل 151 من قانون المسطرة المدنية (ق.م.م). نتيجة لذلك، لا يُشار في منطوق الأمر الاستعجالي إلى أي وصف (مثل "حضوري" أو "غيابي")، لأن طبيعته تمنع الطعن بالتعرض.

وفي سياق الأوامر الاستعجالية، تبرز نقطة مهمة تتعلق بإجراءات التقاضي في حالة عدم معرفة موطن الطرف المطلوب:

  • عدم تعيين قيم: على خلاف القواعد العامة في الدعاوى العادية، فإنه في الأوامر الاستعجالية، لا يُعين قيم عن الطرف المطلوب في حالة عدم معرفة موطنه. السبب في ذلك يكمن في أن هذا الأخير (الطرف المطلوب) يظل بإمكانه استئناف الأمر الاستعجالي، ولا يقتصر حقه على التعرض عليه. هذا يعني أن مسطرة القيم لا تُطبق في الأوامر الاستعجالية.
  • مرونة قاضي المستعجلات: يُستنتج هذا الأمر من أحكام الفصل 151 من ق.م.م نفسه، الذي يُخول لقاضي المستعجلات الاستغناء عن استدعاء الطرف المدعى عليه إذا كانت هناك حالة استعجال قصوى. هذه المرونة تهدف إلى ضمان سرعة البت في القضايا المستعجلة، والتي بطبيعتها لا تحتمل التأخير الناتج عن إجراءات تعيين القيم.

حلول البائع محل المقرض في عقود بيع السيارات بالسلف:

في سياق بيع العربات ذات المحرك بالسلف (التقسيط)، ينظم ظهير 17/7/1936 المتمم بظهير 6/7/1953 هذه المعاملات. أحد المبادئ الأساسية التي يُقرها هذا الظهير، وتحديدًا في الفصل 13 منه، هو أن البائع يحل محل المقرض في جميع الحقوق والدعاوى الموجهة في مواجهة المقترض.

هذا يعني أنه إذا قام البائع بتفويت عقد القرض لجهة تمويلية (مثل شركة تمويل)، ثم حدث تقصير من المقترض، فإن شركة التمويل تحل محل البائع الأصلي في جميع حقوقه تجاه المقترض. والعكس صحيح، إذا كان القرض مرتبطًا مباشرة بالبائع، فإن البائع هو من يملك الحقوق. وقد أشارت هذه القضية صراحة إلى أن هذا الحلول كان مثبتًا بمقتضى الفصل 4 من عقد بيع الناقلة بالسلف مع حلول شركة التمويل "السلف الشعبي" محل البائع. هذا الحلول القانوني يُلغي أي ضرورة لإدخال البائع الأصلي في الدعوى إذا كانت شركة التمويل (أو من حل محله) هي من تُقيم الدعوى، مما يجعل أي طعن مبني على عدم إدخال البائع الأصلي غير ذي أساس.


فسخ العقد واسترجاع السيارة في حالة تقاعس المقترض:

عندما يثبت تقاعس المقترض عن أداء أقساط القرض، يُمنح البائع أو الشخص الذي حل محله قانونًا الحق في فسخ العقد بناءً على طلبه. هذا الحق مكفول بموجب الفصلين 8 و 13 من ظهير 17/7/1936 المنظم لبيع السيارات بالسلف كما وقع تتميمه.

في القضية المعروضة، تبين أن:

  • ثبوت البيع بالسلف: العقد العرفي المؤرخ في 8/2/2001 أثبت بيع السيارة نوع "صياط" بالسلف للمستأنف (المدين).
  • تقاعس المقترض عن الأداء: بالرغم من إبرام بروتوكول اتفاق بتاريخ 26/12/2003، لم يُؤدِ المقترض الأقساط المستحقة، والتي بلغت 3265.62 درهم شهريًا عن الفترة من 28/2/2004 حتى 28/1/2008.
  • إثبات المديونية بكشف الحساب: تُعد المديونية ثابتة بمقتضى كشف الحساب المحصور في 2/2/2006 بمبلغ إجمالي قدره 117,024.74 درهم، والذي يشمل أصل الدين وتوابعه من فوائد عقدية وضريبة على القيمة المضافة على منتوج الفوائد، بالإضافة إلى مصاريف أخرى.

حجية كشف الحساب ورفض طلب الخبرة الحسابية:

في معرض الطعن، تمسك المستأنف (المدين) بأن كشف الحساب "من صنع المدعية" وطالب بإجراء خبرة حسابية لتحديد مبلغ الدين. إلا أن هذا الدفع قوبل بالرفض للأسباب التالية:

  • حجية كشف الحساب في الميدان التجاري: يُعتبر كشف الحساب المحصور في 2/2/2006 حجة قاطعة في الميدان التجاري. السبب في ذلك أنه مستخرج من الدفاتر التجارية الممسوكة بانتظام من طرف المطعون ضدها (الشركة الدائنة)، وذلك عملاً بالمادة 492 من مدونة التجارة والمادة 118 من ظهير 14/2/2006 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها. هذه المواد تُعطي الدفاتر التجارية المنظمة قوة إثباتية في النزاعات التجارية.
  • عدم جدوى الخبرة الحسابية: رفض طلب الخبرة الحسابية كان منطقيًا أيضًا لكون موضوع الدعوى الأصلي هو استرجاع السيارة وبيعها بالمزاد العلني، وليس المطالبة بأداء مبالغ مالية محددة. فالهدف من الدعوى الاستعجالية هو وضع اليد على السيارة لبيعها واستيفاء الدين، وليس تحديد تفاصيل المبلغ بدقة متناهية، خاصة وأن المديونية ثابتة بمستندات لها حجيتها.

خلاصة الحكم وتأكيد صحة الأمر المستأنف:

ختامًا، أكدت المحكمة أن الأمر المتخذ (الحكم الابتدائي) قد طبق مقتضيات الفصل 8 من الظهير المذكور أعلاه وشروط العقد الرابط بين الطرفين بشكل سليم. وبما أن الثابت هو عدم تنفيذ المقترض للالتزامات المتفق عليها في عقد القرض، فإن الأمر الابتدائي الذي قضى بإرجاع السيارة وبيعها بالمزاد العلني لتستوفي المدعية حقوقها، قد علل قضاءه بما فيه الكفاية ولم يخرق أي مقتضى قانوني.

وعليه، قررت المحكمة رد الاستئناف لعدم قيامه على أساس قانوني سليم، وتأييد الأمر المستأنف لمصادفته الصواب. هذا الحكم يُرسخ مبادئ السرعة والفعالية في الإجراءات الاستعجالية، ويُعيد تأكيد قوة الحلول القانوني للبائع محل المقرض، بالإضافة إلى حجية المستندات التجارية في إثبات المديونية.

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ وريقات 2015 ©