الإعلان عن الرغبة في الأخذ بالشفعة في العقار المحفظ.. التبليغ إلى المشتري بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو طريق كتابة الضبط



إن مسطرة الشفعة في العقار المحفظ تكتسي صبغة خاصة وتخضع لإجراءات دقيقة تختلف عن إجراءات ممارسة الشفعة في العقار غير المحفظ، فأول إجراء يجب القيام هو الإعلان الصريح من طرف الشفيع عن رغبته في الأخذ بالشفعة، يعرض عليه فيه رغبته في شفعة الحصة التي اشتراها ويضع رهن إشارته الثمن والمصاريف، ويتم هذا التبليغ إلى المشتري بأية وسيلة من وسائل التبليغ، فقد يكون بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، وإما عن طريق كتابة الضبط.
لكن من الناحية العملية غالبا ما يتم التبليغ بواسطة إنذار يوجهه عون كتابة الضبط إلى المشتري ويتم توجيه الإنذار المذكور بعد الحصول على أمر بذلك من رئيس المحكمة المختصة بناء على طلب يتقدم به الشفيع قصد استصدار أمر بعرض ثمن العقار المبيع والمصاريف على المشفوع منه، وهذا ما نصت عليه أيضا المادة 172 من مشروع القانون رقم 19.01 المتعلق بمدونة الحقوق العينية في فقرتها الأولى التي تنص: "يجب على من يرغب في الأخذ بالشفعة أن يقدم طلبا إلى رئيس المحكمة الابتدائية المختصة يعبر فيه عن رغبته في الشفعة وأن يطلب من الرئيس أن يأذن له بعرض الثمن والمصاريف عرضا حقيقيا على المشفوع من يده، وأن يقوم بكل ذلك داخل الأجل القانوني وإلا سقط حقه في الشفعة".
ويرى البعض  أن التبليغ بهذه الطريقة أدعى للحيطة ذلك أن التبليغ الذي يقع بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل قد يكون مثار جدل بين الطرفين حول محتوى الظرف، فإن ادعى المرسل إليه أنه قد وجد الطي فارغا أو أن الورقة التي يحتوي عليها لا علاقة لها بموضوع الشفعة فانه يستحيل على الشفيع إثبات خلاف ذلك، وفي هذا الصدد صدر عن المجلس الأعلى قرار جاء فيه: " يكون طالب الشفعة قد مارس حقه في طلب الشفعة إذا أبدى رغبته الأكيدة بأن وجه رسالة يخبر فيها المشتري بأنه عازم على أخذ المبيع بالشفعة وعرض المبلغ المدفوع والمصاريف."
 وتجدر الإشارة هنا أن إعلان رغبة الشفيع في ممارسة الشفعة يجب أن يوجه إلى المشتري وليس من الضروري توجيه نفس الإعلان إلى البائع – حسب التشريع المغربي – لأن الشفيع حسب الفصل 25 من ظهير 2 يونيو 1915 هو الذي يأخذ الحصة من مشتريها، وبذلك فإن الرغبة في الشفعة توجه إلى المشتري إن كان واحدا أوكل المشترين إن كانوا متعددين، لأن الخصم الحقيقي في دعوى الشفعة – كما سيأتي ذكره – هو المشتري وليس البائع.
وهذا وإنه من صيغة الفصل 25 فإن الإعلان عن إظهار الرغبة يجب أن يكون مقرونا بأداء الثمن المؤدى ولا يكفي إظهار الرغبة الأكيدة المجردة من أداء الثمن الحقيقي ، بخلاف لو كان الأمر يتعلق بالعقار غير المحفظ. ويقع هذا الإعلان عادة بعد قيام المشتري بتسجيل شرائه في الرسم العقاري، ولكن لا مانع من أن يقع قبل ذلك .
وهذا الإعلان أو التعبير عن الرغبة في ممارسة الشفعة، وإن كان لا يوقف أجل الشفعة، فيما إذا كان الشريك الذي قام به خاضعا لأجل من الآجال المحددة لاستعمال حق الشفعة، كما أنه لا يعتبر بداية لإجراءات الشفعة، إلا أنه إجراء ضروري لتحريك القضية و لمعرفة موقف المشتري من رغبة الشريك في الشفعة .
وقد يتعذر أحيانا تبليغ المشفوع منه بالعرض لسبب راجع لشخصه، كغيبته أو انتقاله من موطنه المعتاد إلى حيث لا يعرف له مقر، ويكفي في هذه الحالة بعد تحرير محضر القيام بإيداع مبلغ العرض بصندوق المحكمة ، و إذا توصل المشتري بالإعلان وقبل  العرض، حرر في ذلك محضر عرفي أو يحرر كاتب الضبط - حسب طريقة التبليغ - محضرا بذلك ويسلم الثمن المعروض عليه القابل وبذلك تنتهي إجراءات الشفعة، ويكون محضر قبول العرض العيني السالف الذكر سندا  لطالب الشفعة في تقييد نفسه بالمحافظة العقارية مالكا للعقار المشفوع باعتباره خلفا لمشتريه المشفوع منه .
أما إذا تم رفض العرض العيني - وهذا هو الغالب عمليا - حرر عون كتابة الضبط محضرا بذلك، ويتعين على الشفيع عندئذ إيداع الثمن وتوابعه بصندوق المحكمة أي سلوك مسطرة العرض والإيداع.


مواضيع قد تفيدك: