دعوى المصادقة على العروض العينية واستحقاق الشفعة (دعوى الشفعة).. إجبار المشفوع منه الذي يرفض الانصياع للتنفيذ العيني في محكمة موقع العقار موضوع الشفعة



تسمى دعوى المصادقة على العروض العينية واستحقاق الشفعة أيضا بدعوى الشفعة وهي تعتبر نتاج العمل القضائي، ذلك أن المشرع المغربي سكت عن كيفية رفعها بخلاف بعض التشريعات المقارنة، وهي كسائر الدعاوى تخضع للأحكام العامة للدعوى المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.
ومما لا جدال فيه أن إجراء عملية العرض العيني في حد ذاتها تعد تعبيرا من الشفيع عن ممارسة حقه في الشفعة، ومن ثم فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل تقديم الدعوى القضائية بعد انصرام أجل الشفعة يترتب عنه سقوط حق الشفيع الذي باشر مسطرة العرض داخله؟.
يبدوا أن المطالبة القضائية بالمصادقة على العروض العينية واستحقاق الشفعة إنما هي وسيلة لإجبار المشفوع منه الذي يرفض الانصياع للتنفيذ العيني، وذلك فإن رفع هذه الدعوى غير مقيد بأجل، فهذه الدعوى لا أثر لها على صحة ممارسة حق الشفعة التي بوشرت بصفة قانونية سواء أقيمت داخل الأجل أم خارجه، وفي هذا الصدد جاء في قرار لاستئنافية القنيطرة: "إن العبرة بممارسة الشفعة داخل الأجل القانوني هي التاريخ الذي تم فيه الإيداع بين يدي كتابة الضبط لعرضه على المشفوع منه، وما دام الأمر كذلك فلا يمكن القول بسقوط دعوى الشفعة بالتقادم، لعدم إعادة الدعوى غير  المقبولة على الحالة إلى بعد مرور أكثر من سنة أو أن مبلغ العرض العيني بقي مودعا بالمحكمة لفائدة المشفوع منه" .وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى في قراره الصادر في 04/11/2009.
هذا وإن دعوى المصادقة على العروض العينية يجب البث فيها بسرعة من طرف المحكمة، وإن كانت جميع الدعاوى حسب المسطرة المدنية تقتضي البث فيها بسرعة كما نص على ذلك الفصل 36 ق.م.م في فقرته الأولى، فإن مقتضيات الشفعة أكثر عجلة كما يلاحظ من روح الفصلين 31 و 32 من ظهير 2 يونيو 1915.
والمدعي في دعوى الشفعة هو الشفيع الذي يجب أن تتوافر فيه أهلية التصرف، لأن الأخذ بالشفعة عمل من أعمال التصرف وليس عمل إداري، فهو كالبيع يقوم به الشخص بنفسه أو بواسطة الغير  بوكالة خاصة،أما إذا كان الشفيع محجورا عليه لصغره أو سنه، ﻔﺇن وليه القانوني من أب أو وصي أو مقدم هو الذي يتولى مكانه رفع دعوى الشفعة حتى ولو كان المشفوع منه هو الولي نفسه أو محجورا له آخر.
أما المدعي عليه في الشفعة بصفة أساسية فهو المشتري لأنه الخصم الأصلي،إذ هو الذي سينتزع الملك جبرا عليه ،أما البائع حسب التشريع المغربي  فليس لزاما إدخاله في الدعوى ولا يترتب على إغفاله في مقال الدعوى عدم القبول أو السقوط، فقد ورد في قرار المجلس الأعلى أن عدم إشراك البائع في دعوى الشفعة لا يؤثر في قبول طلب استحقاق الشفعة الذي يجب أن يكون ضد المشفوع  منه ،إلا أن إحضاره في الدعوى له أهمية بالغة لأن الشفيع يحل محل المشتري وقد يكون عقد الشراء متضمنا بعض الشروط الخاصة التي سيواجه بها كل من الشفيع والبائع بعضها البعض في حالة ظهور العيوب الخفية أو بكيفية الأداء أو تأجيل الثمن أو بتوقيف البيع على أجل واقف أو على صورية الثمن.
أما المحافظ العقاري فلا ضرورة كذلك لإدخاله في الدعوى، إذ أن المحافظ العقاري بمجرد صدور الحكم النهائي بين يديه يقوم بتنفيذه، ولو لم يصدر إليه أمر من طرف المحكمة لأن الحكم يعتبر بمثابة سند لملكية الشفيع طبقا للفصل 65 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بظهير التحفيظ العقاري.
أما المحكمة المختصة التي ترفع إليها الدعوى فهي محكمة موقع العقار موضوع الشفعة تطبيقا للفصل 28  من قانون المسطرة المدنية،لأن طبيعة دعوى الشفعة هي دعوى عقارية وتطبق عليها نفس القواعد الواردة في ق.م.م.
فهكذا إذن يستخلص مما سبق أنه في حالة رفض المشفوع منه عرض الشفيع يقوم هذا الأخير برفع دعوى عادية إلى المحكمة الابتدائية يطلب فيها الحكم بصحة العرض والإيداع واستحقاق شفعة ما شتراه المدعي عليه -الذي هو المشتري- مما هو في شركته،ويدلي بنسخه من محضر العرض والإيداع من المحافظة العقارية تثبت صفته وما يثبت انتقال الحصة التي شفعها إلى المدعي وتقيد هذه الدعوى في سجل القضايا المدينة وينظر فيها مثل سائر الدعاوى المدنية.


مواضيع قد تفيدك: