حلول الشفيع محل المشتري وتملكه الحصة المشفوعة.. زوال كل ارتباط قانوني بين البائع والمشتري وحلول الشفيع محل المشتري لدى البائع في الحصة المشفوعة



يترتب عن إعلان الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة زوال كل ارتباط قانوني بين البائع والمشتري ويحل الشفيع محل المشتري لدى البائع في الحصة المشفوعة ويعتبر البيع وكأنه حصل للشفيع من البائع وبذلك يعتبر الشفيع خلفا للبائع لا للمشتري، ومعنى ذلك أن الشفيع يكون الخلف المباشر للبائع على البيع ويخرج المشتري من بينهما إلى الحالة التي كان عليها قبل الشراء وكأنه لم يشتر العقار المشفوع ، ويترتب على ذلك أن يلتزم المشفوع منه نحو الشفيع بجميع التزامات البائع نحو المشتري ومنها ضمان التعرض والاستحقاق، والالتزام بضمان العيوب الخفية، سواء  كان هذا العيب قديما أو حدث عند المشتري المذكور ، ورغم سكوت ظهير 2 يونيو 1915 عن هذا الحكم، إلا انه هو الذي يطبق على شفعة العقار المحفظ،لأن الفصول التي تكلمت عن الشفعة في هذا الظهير تحصر العلاقة في الشفعة بين الشفيع والمشتري المشفوع منه، إذ يتجلى ذلك من خلال 31 من هذا الظهير الذي ينص على أن المشتري يمكنه أن يبلغ شراءه للشريك بعد تسجيله في الرسم العقاري ليكون الأجل الذي يحق للشريك أن يشفع خلاله ثلاثة أيام، كما أن الفصل 25 ينص على أن الشريك يؤدي للمشتري الثمن والمصاريف وقيمة ما أدخل على الحصة من تحسينات كما هو معروف- كما رأينا سابقا- أن دعوى المطالبة بالشفعة تقوم بين الشريك الراغب في الشفعة والمشتري ولا يكون المالك القديم طرفا فيها، ثم إن المالك الأصلي إنما باع الحصة للمشتري ولم يبعها للشريك كما أن الشريك الشفيع إنما دفع الثمن والمصاريف وقيمة التحسينات للمشتري المشفوع، ولم يدفع شيا من ذلك للبائع من كل ما سبق فإنه من المنطق إذا أن يبقى هذا المشتري هو المتحمل بالضمان تجاه الشفيع، مع حفظ حق المشتري في الرجوع على البائع بما رجع به الشفيع عليه، ولا يمكن أن يرجع الشفيع على المالك الأصلي رأسا لأنه لا علاقة بينهما .
إذا كان الشفيع في التشريع المغربي  لا يمكنه الرجوع بضمان العيوب والاستحقاق على البائع، فإن التشريعات المقارنة تقضي بخلاف ذلك، إذ نجد المادة 1143 من القانون العراقي بعدما نصت في الفقرة الأولى على أن : " الشفيع يحل تجاه البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته.."، نصت في الفقرة الثانية: "إذا استحق العقار المشفوع بعد أخذه بالشفعة فليس للشفيع أن يرجع بضمان الاستحقاق إلا على البائع." وتنص المادة 804 من القانون المدني الجزائري على نفس الحكم إذ جاء فيها: "يحل الشفيع بالنسبة إلى البائع في جميع حقوقه والتزاماته، إلا أنه لا يمكن له الانتفاع بالأجل المضروب للمشتري عن دفع الثمن إلا برضا البائع، ولا يرجع الشفيع، إلا على البائع إذا ما استرد الغير العقار بعد الشفعة. "ونفس الشيء بالنسبة للقانون المدني المصري الذي ينص في المادة 945 من القانون المدني على ما يلي: " يحل الشفيع قبل البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته..".
يستخلص من نصوص التشريعات المقارنة أنه متى ثبت للشفيع حقه في الشفعة رضاء أو قضاء تحول البيع بين أن يكون بين البائع والمشتري إلى أن يكون بين البائع والشفيع، ويعتبر الشفيع هو المشتري منذ البداية، إذ أنه قد حل محل المشتري في هذا البيع، ويختفي شخص المشتري من الصفقة، ولا يتوسط بين البائع والشفيع، ولا يعتبر أن هناك بيعا أولا انعقد بين البائع والمشتري ثم أعقبه بيع ثان انعقد بين المشتري والشفيع فباع المشتري ثم باع المشتري للشفيع، بل هو بيع واحد انعقد بين البائع والشفيع فقامت بينهما صلة مباشرة، وينبني على ذلك أن العلاقة ما بين الشفيع والبائع يحددها عقد البيع وأصبح فيه الشفيع مشتريا ويحل قبل البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته، ويرى البعض  أن حلول الشفيع تجاه البائع محل المشتري يساير المنطق، ذلك لأن البائع ضامن للمشتري استحقاق المبيع فلما حل الشفيع محله كان ضامنا لهذا بعد أن كان ضمانا لذاك.
بعد توضيح علاقة الشفيع بالبائع في التشريعات المقارنة يتضح أن القانون المغربي حصر العلاقة في الشفعة بين الشفيع والمشفوع منه الذي هو المشتري وفي هذا الصدد يقول الأستاذ ابن معجوز: "لا يمكن القول - في ظل القانون المغربي - بأن الشفيع يحل محل المشتري في تلقي الحصة من البائع رأسا، وإنما يجب القول بأن الحصة المشفوعة تنتقل من ملك المشتري المشفوع منه إلى الشريك الشفيع، كأن المشتري باعها للشريك بنفس الثمن الذي اشتراها ،لذلك لا تنشأ في الشفعة أية علاقة بين الشفيع والبائع وإنما تبقى محصورة بين الشفيع والمشفوع منه طبقا لما يقرره الفقه المالكي."
رغم هذه الاختلافات حول التزامات المشتري تجاه الشفيع يبقى أهم التزام يلتزم به المشتري المشفوع منه هو نقل ملكية المشفوع إلى الشفيع وهذا ما نصت عليه المادة 174 من مشروع القانون 19.01 المتعلق بمدونة الحقوق العينية بقولها: "إذا تم التراضي على الأخذ بالشفعة أو حكمت بها المحكمة فإن الشفيع يتملك الحصة المبيعة مع مراعاة قواعد الإشهار."
لكن يبقى زمن سريان هذا الحكم - تملك الحصة المبيعة - محل خلاف، حيث يبقى التساؤل هل هو وقت إبداء الرغبة في الاستشفاع أم بعد صدور الحكم القاضي باستحقاق الشفعة أم هذا الزمن وذاك؟.


مواضيع قد تفيدك: