ممارسة حق الشفعة من طرف الشفيع خلال سنة من تاريخ تقييد المبيع بالسجل العقاري.. سقوط الشفعة بمضي سنة كاملة من تاريخ التقييد إذا كان العقار محفظا



يمارس حق الشفعة من طرف الشفيع خلال سنة واحدة ابتداء من تاريخ تقييد المبيع بالسجل العقاري لا من يوم وقوع البيع  إذ يعتبر أجل سنة أجلا عاما تمارس فيه الشفعة إذا لم تتوافر شروط الحالة الأولى ولا الحالة الثانية،  وقد ورد النص على هذا الأجل في العبارات الأخيرة من الفصل 32 من ظهير 2 يونيو 1915 حيث جاء فيه: "وفي جميع الأحوال بمضي سنة واحدة من تاريخ تقييد البيع إذ لم يحضره الشركاء." وفي المادة 170 مشروع القانون 19.01 المتعلق بمدونة الحقوق العينية التي جاء فيها: ".. فإن لم يقع هذا التبليغ فإن حق الشفعة يسقط في جميع الأحوال بمضي سنة كاملة من تاريخ التقييد إذا كان العقار محفظا..".
نستنتج من هذه العبارات أن أجل السنة المقرر لممارسة الشفعة يعتبر أجلا عاما عندما لا تتوفر شروط الحالتين المقررتين، أي أن حق الشفعة يمارس خلال أجل سنة إذ تم إبرام عقد البيع بغير حضور الشركاء ودون أن يتم إعلامهم بذلك من طرف المشتري، و يحتسب أجل السنة اعتبارا من تاريخ تسجيل عقد البيع بالرسم العقاري لا قبله.
والملاحظ أن المشرع المغربي جعل من التسجيل نقطة لانطلاق هذا الأجل محترما بذلك المنطق القانوني ومكرسا القاعدة التي قننها ضمن مقتضيات المواد 65 و 66 و 67 من ظهير التحفيظ العقاري والتي لم يخالفها إلا في الفقرة الأولى من الفصل 32 من ظهير 2 يونيو 1915.
وفي كل الأحوال  فإن حق الأخذ بالشفعة يتقادم إذا لم يباشر الشفيع حقه خلال سنة من تاريخ تسجيل البيع في السجل العقاري، إذا كان البيع قد تم في غيابه وعلى هذا قرر المجلس الأعلى أن الشفيع الذي لم يقع البيع بمحضره لا يسقط حقه في المطالبة بالشفعة بعد شهرين بل بعد سنة وأن أمد السنة هذا يبتدئ من تاريخ تسجيل البيع في المحافظة لا من تاريخ وقوعه."
وفي نهاية هذا المطلب نتساءل عن آثار التقييد الاحتياطي على طلب الشفعة، إذ قد يلتجأ الشفيع أحيانا إلى إجراء تقييد احتياطي للحفاظ على حقه في ممارسة الشفعة قبل أن يتم تقييد عقد البيع، وهذه الحالة تثير بعض التساؤلات عن حجية هذا التقييد الاحتياطي وهل يعتبر تاريخ إجرائه كافيا لسريان أجل سنة وممارسة حق الشفعة؟.
إن موضوع آثار التقييد الاحتياطي على طلب الشفعة في العقار المحفظ قد شغل القضاء كثيرا في المغرب (إبان عهد الحماية وحتى أثناء الاستقلال).
إن القضاء في المغرب إبان عهد الحماية لم يتخذ موقفا موحدا من الموضوع، فرأي أول تبنته المحكمة الإقليمية بالدار البيضاء  ومحكمة الاستئناف بالرباط  قضى بأن تاريخ التقييد النهائي لبيع الحصة المشاعة لفائدة الغير هو الذي يكون وحده نقطة الانطلاق بالنسبة لسريان أجل ممارسة الشفعة، وأن التقييد الاحتياطي السابق للحق المطالب به من طرف المشتري الغير لم يكن له أي أثر على نقطة الانطلاق هاته فهو لا يصحح هذا الحق ولا يمنحه أي وجود لا قانوني ولا فعلي.
بينما ذهبت محاكم أخرى في الاتجاه المعاكس ومنها محكمة النقض الفرنسية آنذاك وقالت بأن أجل السنة لممارسة حق الشفعة يبتدئ من تاريخ التقييد الاحتياطي تطبيقا للقاعدة التي يفرضها الفصل 85 من ظهير التحفيظ والتي تعطي للتقييد النهائي أثرا رجعيا يعود به إلى تاريخ التقييد الاحتياطي.
أما بعد الاستقلال فقد اتخذ المجلس الأعلى موقفا صريحا من الموضوع، حيث قرر أن " التسجيل الذي يحرك أجل الشفعة هو التسجيل النهائي للحق الذي يتخذه المحافظ بمقتضى نص الفصل 75 من ظهير 12 غشت 1913 لإشهار الحق العيني، أما التقييد الاحتياطي للحق فلا يعطي لصاحبه إلا حقا محتملا. ولهذا فلا يلزم بممارسة حق الشفعة ضده ولا بأن يستصدر تقييدا احتياطيا بحق الشفعة." وهو نفس الاتجاه الذي أخذت به المحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب.
أما بالنسبة لموقف الفقه المغربي من هذه الإشكالية ، فنلاحظ أن الاتجاه الغالب هو الذي يقول بأن التسجيل النهائي هو الذي يعتد به دون التقييد النهائي فقد جاء على لسان الأستاذ محمد ابن الحاج السلمي أنه: " رغم أن رجعية التقييد الاحتياطي المطلقة من حيث امتداد آثاره القانونية فإنها لا تتعلق سوى بالحق المقيد احتياطيا ولا تتعلق أبدا بحق سابق تستوجب ممارسة تحقيق هذا الحق، ونحن نعلم بأنه لا يصير حقا عينيا عقاريا بمفهوم ظهير التحفيظ العقاري إلا من تاريخ تقييده نهائيا، وابتداء من هذا اليوم يبدئ أجل السنة لممارسة الشفعة في السريان.." وهو نفس الموقف الذي تبناه الأستاذ محمد محجوبي.
وصفوة القول في موضوع آجال الشفعة في العقار المحفظ أنه ينبغي أن يعلن الشفيع رغبته في الاستشفاع وعرض الثمن على المشتري المشفوع منه عرضا عينيا حقيقيا يعقبه الإيداع القانوني داخل الآجال المنصوص عليه قانونيا، فإذا كان ميعاد الأخذ بالشفعة ثلاثة أيام قام الشفيع بهذا العمل المزدوج –إعلان الرغبة وتقديم العروض العينية –داخل أجل ثلاثة أيام وإن كان الأجل شهرين أو سنة قام بذلك داخل الشهرين أو السنة، فإن لم يقم بهذين الإجراءين معا داخل الآجال المذكورة اعتبر ممارسا لحقه بصفة غير قانونية وسقط حق الأخذ بالشفعة لهذا السبب .
وعليه يتعين على الشفيع احترام آجال الشفعة المحددة قانونا لكي ترتب الشفعة آثارها، ما لم يوجب سبب لسقوطها أو لو لم يقع التنازل عنها.


مواضيع قد تفيدك: