إن تقييد التسجيل وحده لا يكفي لإعمال مقتضيات الفصل31 المذكور سالفا، بل لا بد من أن يعقبه إجراء آخر علق عليه المشرع بدء سريان أجل الثلاثة أيام، ويتجلى هذا الإجراء في تبليغ الشراء لكل من له الحق في الشفعة، إذ للمشتري بعد أن يقيد شرائه بالمحافظة العقارية، أن يوجه إنذار إلى شركاء البائع في العقار المبيع يخبرهم بشرائه حصة شريكهم ويدعوهم إلى ممارسة حقهم في شفعة الجزء المذكور خلال ثلاثة أيام من توصلهم بإشعاره، ويرى البعض أن هذا الإجراء اختياري يلجأ إليه المشتري بعد تقييد شرائه إن أراد بمحض إرادته واختياره،لأن المشرع استعمل كلمة "يمكن" فدل هذا أن الصفة الاختيارية لهذا الإجراء.
والقصد من تبليغ الشراء هو حث من له الحق في الشفعة على إبداء رغبته فيها، والقيام بعرض عيني حقيقي للثمن المقابل للحصة المراد شفعتها مع قيمة مصروفات العقد والتحسينات ثم إيداع هذه المبالغ داخل ثلاثة أيام من تاريخ التوصل بالإعلام تحت طائلة سقوط الحق في الشفعة. ويتم هذا التبليغ بأي طريقة من طرق التبليغ لأن المشرع المغربي لم يعين وسيلة ما ينبغي احترامها في التبليغ، وعلى هذا قرر المجلس الأعلى أن الظهير المطبق على العقارات المحفظة لا يشترط أي شكل معين للتبليغ، كما أنه لا يحيل على قواعد المسطرة المدينة،".
وعليه يتم تبليغ شركاء البائع عن طريق كتابة الضبط أو عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل، ويجب أن يتضمن هذا التبليغ جميع البيانات الكافية من اسم البائع واسم المشتري وعنوانه والحصة المشتراه وقدرها و رقم الرسم العقاري ومقدار الثمن وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 190 من مشروع القانون 19.01 المتعلق بمدونة العقوق العينية بقولها:"يتعين أن يتضمن التبليغ تحت طائلة البطلان بيان عن هوية كل من البائع والمشتري مع بيان عن الحصة المبيعة وثمنها ورقم الرسم العقاري أو رقم التفويت..".
ويتعين أن يتم هذا التبليغ للمعنى بالأمر شخصيا، إذ أن الإشعار بالبيع لا ينتج أي أثر إذا لم يبلغ إلى من له الحق في الشفعة شخصيا. وهذا الشرط نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 170 من مشروع القانون صراحة بقولها:"يتعين على المشتري أن يبلغ نسخة من عقد شرائه إلى من له حق الشفعة، ولا يصح التبليغ إلا إذا توصل به شخصيا من له الحق في الشفعة..". وهذا ما ذهب إليه المجلس بقوله:"لا يسري أجل الثلاثة أيام المنصوص عليه في الفصل 31 من ظهير2 يونيو 1915 لممارسة حق الشفعة إلا إذا وقع التبليغ شخصيا، فلا يكفي التبليغ الذي يقع في موطنه لأقاربه أو خدمه." ولا يكفي أن يقع التبليغ من البائع لأن النص صريح بأن التبليغ يقع من المشتري.
وعليه فإن الشفيع الذي يبلغه المشتري بالشراء المقيد على الرسم العقاري بمقتضى إنذار و يرغب في أخذ الحصة المبيعة فإنه يجب عليه ممارسة هذا الحق داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ توصله بالإنذار وذلك تحت طائلة سقوط حقه. ومن نص الفصل 31 المذكور يتبين أن الشفيع لا يقيد بعلمه الشخصي بالبيع لآن بداية أجل ثلاثة أيام مسألة قننها المشرع وقننها بإجراء شكلي هو التبليغ القانوني وليس العلم.
ويلاحظ على هذا الأجل أنه كامل لا يدخل في حسابه لا اليوم الأول الذي يبدأ منه ولا اليوم الأخير الذي ينتهي فيه، وإذا كان اليوم الأخير يوم عطلة امتد الأجل إلى أول يوم عمل بعده. كما يضاف إلى هذه الأيام مهلة المسافة إذا اقتضى الأمر ذلك كما جاء في الفصل 31 من ظهير 2 يونيو 1915 .
إن أجل الثلاثة أيام يطرح مشاكل كثيرة أمام القضاء نظرا لقصره من جهة، ولكون الشفيع يصبح تحت رحمة المشتري إذا ما فاجأه بالتبليغ، حيث يتوجب عليه ممارسة حق الشفعة خلال وقت قصير الشيء الذي يجعل المشتري يستغل ظروف الشفيع المادية ويقوم بتبليغه لحرمانه من حق الشفعة، مما يدفع الكثير من الشفعاء إلى التحايل على القانون لوقف هذه المدة بطريق أو بآخر، وهي مدة قصيرة لا تتناسب مع الإجراءات التي يجب على الشفيع أن يقوم بها خلالها، وهي كثيرة: منها إعداد المال اللازم لتغطية ثمن البيع والمصاريف وكذا قيمة التحسينات في بعض الأحيان، ثم الالتجاء إلى المحكمة بطلب عرض ذلك على المشفوع منه وإيداعه بعد ذلك في صندوق المحكمة إذا رفض قبول العرض ، ونحن نعلم أن طلبات الإذن بإجراء العرض، كما في غيرها من الطلبات التي ينظر فيها رئيس المحكمة الابتدائية في نطاق وظيفته الولائية لا يقع البث فيها بصفة فورية، فيما تبقى عملية الإيداع رهينة بصدور الأمر وفق الطلب، وإنجاز هذا الإجراء سيستغرق وقتا يصعب على الشفيع التحكم فيه. وأمام كل هذه الإشكالات التي يطرح أجل ثلاثة أيام ناشد البعض المشرع للتدخل في الزيادة في هذا الأجل إلى الحد الذي يجعله يتلاءم وطول الإجراءات التي تتطلبها الشفعة، حتى تبقى مؤسسة الشفعة قادرة على القيام بوظيفتها الاجتماعية و الاقتصادية والاجتماعية .
وبالفعل استجاب المشرع لهذا النداء حيث نجده حاول رفع هذا الأجل إلى 30 يوما وذلك في المادة 170 من مشروع قانون 19.01 المتعلق بمدونة الحقوق العينية التي جاء في فقرتها الأولى: "يتعين على المشتري أن يبلغ نسخة من عقد شراءه إلى من له حق الشفعة ولا يصح التبليغ إلا إذا توصل به شخصيا من له الحق في الشفعة، ويسقط حق هذا الأخير إن لم يمارسه داخل أجل 30 يوما كاملة من تاريخ التوصل شخصيا".