الشفعة في البيع غير المسجل في الرسم العقاري.. الملكية حسب ظهير التحفيظ العقاري لا تنتقل إلا بتسجيل عقد البيع في الرسم العقاري فحيث لا تنتقل الملكية فلا شفعة



لقد عرف البيع غير المسجل في الرسم العقاري بدوره نقاشات حادة في الفقه، وتردد بشأنه المجلس الأعلى.
لقد اختلف الرأي فيما إذا كان البيع غير المسجل بالرسم العقاري يعطي الحق في ممارسة حق الشفعة أم لا، فذهب فريق إلى جواز الأخذ بالشفعة ولو أن العقد لم يسجل، لأن البيع ينعقد صحيحا بغض النظر عن تسجيله بالرسم العقاري الذي يرتب نقل الملكية وقد استند هذا الرأي على ما يلي:
1- إن عدم جواز ذلك يرتب نتائج خطيرة لا يمكن أن يبيحها المشرع لما تنطوي عليه من حيل يمكن أن يلجأ إليها المشفوع ضده لتعطيل حق خوله المشرع للشفيع، كأن يتقاعس المشتري أو يتلكأ عن تسجيل  رسم الشراء متربصا الفرصة  السانحة، مستغلا ظروف الشفيع فيبقى هذا الأخير تحت رحمته .
2- ﺇن عقد البيع من العقود الشكلية التي لا تنعقد إلا بالتسجيل، فعقد البيع غير المسجل هو عقد بيع كامل صحيح يتم بتراضي عاقديه، ويكفي أن يحرر كتابة في محرر ثابت التاريخ ،أما الذي يخضع لإجراءات شكلية فهو نقل الملكية الذي لا ينتج أي أثر و لو بين الأطراف إلا من تاريخ التسجيل.
3- إن النصوص الخاصة بالشفعة في ظهير2 يونيو1915 تنص على وجوب تسجيل عقد البيع بالرسم العقاري لصحة دعوى الشفعة بل إن الفصل 32 من الظهير ﺍﻟﻤﻧ ﻛﻭﺮ صريح في الأخذ بالشفعة بالنسبة للشريك الحاضر في العقد خلال شهرين من تاريخ إبرام العقد، ولم ينص على تاريخ تسجيل العقد .
4- إن انتظار الشفيع حتى يتم تسجيل عقد الشراء قد يجعل حالة العقار غير مستقرة مدة قد تطول كثيرا، وهذا يتنافى مع مقتضيات الشفعة التي تتسم بكثير من السرعة والعجلة في حسم النزاع .
أما الرأي القائل بعدم جواز الشفعة في البيع غير المسجل فقد استند على الحجج التالية:
1- إن الملكية حسب ظهير التحفيظ العقاري لا تنتقل إلا بتسجيل عقد البيع في الرسم العقاري، فحيث لا تنتقل الملكية فلا شفعة، لأن العقد غير المسجل لا ينتج ﺁثارا ومنها ممارسة حق الشفعة، و يترتب عن ذلك أن الشفعة لا تثبت في البيع الابتدائي (الوعد بالبيع ) وفي البيع المعلق على شرط واقف  لأن هذان البيعان لا يمكن تسجيلهما في الرسم العقاري مادام لا ينقلان الملكية للمشتري .
2- إن القائلين بجواز أخد الشفعة بالعقد غير المسجل لقطع دابر الحيل، يصطدم  مع مبادئ قانون التحفيظ العقاري وأهمها أنه لم يبقى هناك فرق من حيث الحجية بين العقد وتسجيل العقد في السجل  العقاري ، ثم إن القانون لا يحمي الشفيع إلا بعد أن يتولد له الحق في الشفعة، ولا يتأتى ذلك إلا بنقل الملكية عن طريق التسجيل فنقل الملكية هو جوهر عقد البيع، فإن كان العقد غير ناقل للملكية فهو ليس بعقد البيع.
3- إن طلب الأخذ بالشفعة في بيع لم يسجل بعد هو طلب سابق لأوانه، إذ لا داعي لتقديم طلب الشفعة قبل تسجيل التصرف المطلوب في الشفعة بالرسم العقاري، لأن تقديم الدعوى يعتبر مخالفا لنصوص ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري الذي يجعل المدعى عليه في الشفعة بدون صفة في الدعوى ما دام لم يسجل عقده في الرسم العقاري .
أما موقف القضاء المغربي من الشفعة في البيع غير المسجل فقد كان القضاء يسير مع موقف الاتجاه الثاني فكان لا يجيز الشفعة في العقار المحفظ قبل تقييد الشراء قي الرسم العقاري إذ صدر قرار عن محكمة الاستئناف بالرباط جاء فيه: " لا يجوز على الإطلاق ممارسة حق الشفعة في بيع عقار غير مسجل قبل تقييد البيع في السجلات العقارية." كما صدر قرار عن المجلس الأعلى يقضي بأن أمد الشفعة يبتدئ من تاريخ تسجيل البيع بالمحافظة لا من تاريخ وقوعه .
إلا أن المجلس الأعلى سرعان ما بلور موقفه بصورة أكثر وضوحا بقرار عدد 585 بتاريخ 20/9/1976، إذ تراجع عن موقفه السابق وقال:" يجوز أن يمارس حق الشفعة ولو قبل تسجيل عقد الشراء على الرسم العقاري" .
ومن جانبنا نؤيد الاتجاه الذي لا يجيز الشفعة في البيع غير المسجل، لأن البيع الموجب للشفعة يجب أن يكون مسجلا بالرسم العقاري، وذلك لأن البيع غير المسجل لا أثر له سواء فيما بين المتعاقدين أو اتجاه الغير وما دام أن البيع هو الأساس والمنطلق الوحيد لممارسة الشفعة في العقار المحفظ، وأن البيع غير المسجل يعتبر طبقا لقواعد التحفيظ في حالة العدم، وبالتالي فإن الشفعة في هذه الحالة تكون غير ممكنة.


مواضيع قد تفيدك: