تحديد المشفوع منه في حالة توالي البيوع للعقار المحفظ.. الخيار للشريك في شفعة الحصة المبيعة من المشتري الأول أو الثاني لأن كليهما اكتسب تحت شرط فاسخ



قد يحصل أن يبيع المشتري الحصة المشاعة التي كان اشتراها وذلك قبل أن يمارس الشفيع حقه في الشفعة، فهل هذا التصرف يحول دون ممارسة حقه في  الشفعة؟ وإذا كانت الشفعة ما زالت ممكنة فهل تمارس في مواجهة المشتري الأول أم في مواجهة المشتري الثاني؟.
لقد عرضت بعض التشريعات للموضوع بصورة صريحة حيث نجد المادة 937 من القانون المدني المصري تنص: "إذا اشترى شخص عينا تجوز فيها الشفعة، ثم باعها قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة طبقا للفصل 942، فلا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني، وبالشروط التي اشترى بها."
 أما في المغرب فقد سكت كل من ق.ل.ع وظهير 2 يونيو 1915 عن الموضوع، الأمر الذي أدى إلى تباين مواقف المحاكم بمختلف درجاتها قبل أن يستقر قضاء المجلس على موقف يكاد يكون قارا .
فهكذا فقد أعطت المحكمة  الابتدائية بالدار البيضاء الخيار للشريك في شفعة الحصة المبيعة من المشتري الأول أو الثاني لأن كليهما اكتسب تحت شرط فاسخ، هو احتمال ممارسة شركاء البائع لحقهم في الشفعة،حيث قالت: "بأن للشفيع الحق في ممارسة حق الشفعة ضد البيع الأول وإن أجل ثلاثة أيام لا يسري بالنسبة إليه إلا من تاريخ تبليغ البيع الأول."
ﺇلا أن القضاء فيما بعد قيد ذلك بإمكانية ممارسة الشفعة في البيع الأول أن يكون الشفيع قد قيد حقه بالأخذ بالشفعة تقيدا احتياطيا بالرسم العقاري قبل أن يكون المشتري الثاني قد سجل شراءه بالرسم العقاري. ﺇلا أن المجلس الأعلى سرعان ما تبنى رأيا مفاده أن البيع الثاني الذي يقوم به المشتري لا يمنع من ممارسة الشفعة في مواجهة المشتري الثاني  مع وجوب احترام أجل ثلاثة أيام حتى بالنسبة للمشتري الأول ﺇذا وقع ﺇليه تبليغ الشراء الثاني، فيكون للشفيع إذن حق الخيار في أن يشفع إما على أساس الشراء الأول أو الثاني، فإذا اختار الشفيع أن يشفع بناء على الشراء الأول التزم بأجل ثلاثة أيام، حتى في الحالة التي لم يبلغ إليه فيها هذا الشراء وبلغ ﺇليه الشراء الثاني.
وبعد ذلك استقر المجلس الأعلى على أنه لطالب الشفعة ﺇذا تعددت التفويتات على الحصة المطلوب شفعتها أن يشفع ضد أي مشتر أراد.
فهكذا إذا استنادا إلى ما ذهب ﺇليه المجلس الأعلى يحق للشفيع أن يشفع من أي مشتر أراد، لأن كل شراء ينبعث معه حق جديد مع أجل جديد للشفعة .
وعندما يستعمل الشريك حقه في الخيار ويأخذ بشفعة أحد البيوع ( المتعاقبة ) الواردة على نفس العقار، فإن بقية البيوع سواء كانت سابقة عن البيع أو لاحقة له، تعتبر كأن لم تكن ، ولو كانت تلك البيوع التي لم يقع عليها اختيار الشفيع قد تم تقييدها على الرسم العقاري، وحتى ولو كان الشفيع لم يقيد حقه في المطالبة بالشفعة تقييدا احتياطيا، وهو ما يشكل استثناءا من قاعدة أن الشخص الذي قيد على الرسم العقاري مالكا وبحسن نية لا يمكن التشطيب عليه المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري ، واستثناءا أيضا من القواعد التي تنظم التقييد الاحتياطي   المنصوص عليها في الفصل  85 من الظهير المذكور، وهذا يعني أنه عندما تتعدد الشراءات المسجلة يكون للشريك الحق في أن يشفع ما شاء منها ولا يستطيع من تلقى الحصة من المشتري الأول أن يحتج ضد الشفيع بان حقه في الحصة قد سجل في الرسم العقاري قبل إعلان الشريك عن رغبته في الشفعة، لأن هذا الذي تلقى الحصة من المشتري يعتبر سيء النية ما دام قد تعامل في حصة يعلم أن الشريك فيها له الحق في الشفعة .
فالشفيع إذا يأخذ المشفوع- أي الحصة المبيعة- ممن هو مالك لها لأن هذا المالك هو المستحق للمشفوع به -أي الثمن وتوابعه -والذي يجب على الشفيع أداءه، فما هو المشفوع وما  هو المشفوع به في العقار المحفظ؟.


مواضيع قد تفيدك: