وقت أداء الثمن في الشفعة.. بالنسبة للعقار المحفظ فممارسة حق الشفعة الذي يجب أن يقع داخل الأجل القانوني لا تتم بإقامة دعوى الاستحقاق



لم يتعرض ظهير 2 يونيو 1915 للوقت الذي يجب فيه على الشفيع أن يؤدي الثمن للمشفوع منه، إلا أن الفصل 25 من نفس الظهير يصرح بأن الشفعة تثبت للشريك بعد أن يؤدي الثمن والمصروفات للمشفوع منه، وهذا يعني أنه يجب على الشريك الذي يريد أن يشفع أن يؤدي الثمن والمصروفات للمشتري عندما يعلنه برغبته في شفعة ما اشتراه، أي أنه يجب أن يكون أداء الثمن والمصروفات عند الإعلان عن الرغبة في الشفعة أو على الأقل داخل ثلاثة أيام الموالية لهذا الإعلان، فإن لم يؤدي الثمن والمصاريف حتى مضي هذا الأجل سقط حقه.
وفي هذا الصدد ذهب المجلس الأعلى بقوله: " بالنسبة للعقار المحفظ فإن ممارسة حق الشفعة الذي يجب أن يقع داخل الأجل القانوني لا تتم بإقامة دعوى الاستحقاق، ولا بمجرد طلب ترخيص بعرض الثمن وإنما بالتصريح عن الرغبة في ممارسة حق الشفعة، وإيداع الثمن بالفعل على ذمة المشفوع منه.
يعد إيداع الثمن داخل الأجل ركنا أساسيا للممارسة حق الشفعة لا يغني عنه أي إجراء آخر."
إذا كان الفصل 25 السالف الذكر لا ينص على أجل صريح للممارسة الشفعة فإن الفصل 974 من ق.ل.ع " يلزم طالب الشفعة أن يدفع ما عليه معجلا وعلى الأكثر خلال ثلاثة أيام، فإذا انقضى هذا الأجل لم يكن لممارسة حق الشفعة أي أثر". وبالتالي يمكن تطبيق هذا الفصل حتى على الشفعة في العقار المحفظ ما دام القانون المدني – كما يقال – هو الأصل، وأن إتباع هذا النهج من شأنه لا محالة تحقيق عدالة فعالة وسريعة في مسألة الشفعة، إذا أن طول المنازعة القضائية التي تعرفها دعوى الشفعة الأصلية المقامة بشأن الاستحقاق وما يتبعها من دعوى أو دعاوي لاحقة تستهدف المطالبة بالتحسينات ، المدخلة على الحصة المشفوعة عندما كانت بيد المشفوع منه والتي قد تعرف إشكالية إضافية .
وقد سار المجلس الأعلى في هذا الاتجاه عندما ألزم الشفيع بأداء الثمن خلال ثلاثة أيام، و تعميم تطبيق أجل الثلاثة أيام الذي استلزامه الفصل 974 من ق.ل.ع حتى على العقارات المحفظة .إلا أن المجلس الأعلى لم يلتزم بهذا الاجتهاد وسار ونهج بموجب قرارات  أخرى عديدة اجتهادات مغايرة تستبعد تطبيق أجل الأداء الوارد بالفصل 974 ق.ل.ع  في حقل العقارات المحفظة وحصر نطاق تطبيق الفصل 974 من ق.ل.ع على العقارات غير المحفظة.
ومما تقدم يمكن أن نستخلص أنه من الممكن تصور تبني بعض المحاكم الاجتهاد الأول للمجلس الأعلى، بينما قد تعتمد محاكم أخرى الاجتهاد الثاني، مما يؤدي إلى تضارب الأحكام والقرارات الصادرة عن الجهات القضائية.
وحتى يتم تفادي ذلك، فإننا نؤيد ما ذهب إليه الأستاذ إبراهيم بحماني  من أن إيداع الثمن يجب أن يقع داخل ثلاثة أيام من تاريخ دعوى الشفعة إذا كان العقار محفظ لأن هذا التاريخ هو الثابت ولا يمكن الاختلاف بتاتا فيه، وهو تاريخ المباشرة الحقيقية للشفعة كما ينص عليها القانون كما أن الأداء المعجل هو الدلالة القاطعة على الرغبة الحقيقية في ممارسة الشفعة.
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أنه قد يطرح إشكال حول ما إذا بيع العقار بثمن مؤجل مؤدى على أقساط، فهل يلزم الشفيع بأدائه معجلا أم أنه سيستفيد من شروط البيع بالتقسيط؟.
قد يحدث أن يكون عد البيع المشفوع فيه متضمنا أجلا ممنوحا للمشتري لدفع الثمن كله أو بعضه – حيث ﺇن إجراءات الشفعة بحسب ﻤﺁلها ستؤدي إلى حلول الشفيع محل المشتري في هذا العقد – فيطلب الشفيع من البائع السماح له بالانتفاع بالأجل الممنوح للمشتري ودفع الثمن فيوافق البائع على ذلك قبل إيداع الثمن بخزانة المحكمة ،فهل هذا يعفي الشفيع من إيداع الثمن في الميعاد إن كان الثمن ما زال مستحقا للبائع؟، وهل هذا يسمح للشفيع بإيداع ما يعادل المبلغ المستحق من الثمن للمشتري دون المستحق للبائع من هذا الثمن بدعوى موافقة البائع له على هذا التأجيل؟.
فبحسب مقتضيات المادة 25 من ظهير يونيو 1915 المطبق على العقارات المحفظة فإن الشفيع يكون مطالبا بإيداع الثمن كاملا بصرف النظر عن الشروط المتفق عليها بين البائع والمشتري فيما يخص تأجيل الأداء كلا أو بعضا، وعلى نفس النهج سار التقنين المدني المصري حسب الفقرة الثانية من المادة 945 التي يستنتج من خلالها أن الشفيع لا يستفيد من الأجل الممنوح للمشتري في تسديد الثمن ولا في اتفاقهما على تقسيطه إلا برضا البائع، لأن إيداع كامل الثمن في الميعاد المحدد شرط لقبول دعوى الشفعة، ولا يملك البائع إعفاء الشفيع من شرط أوجبه القانون، كما أن هذا الإجراء لم يتقرر لمصلحة البائع وحده، وإنما وضع لمصلحة من يكون له الحق في الثمن المودع كله أو بعضه، سواء كان صاحب هذا الحق هو المشتري الذي عجل كل الثمن أو بعضه للبائع، أم هو البائع الذي لم يستوفي الثمن كله أو بعضه.


مواضيع قد تفيدك: