قيمة التحسينات في الشفعة.. زيادة قيمة العقار المبيع بسبب المصروفات التي قام بإنفاقها في الفترة ما بين شرائه الحصة المبيعة وممارسة الشفيع حق الشفعة



لم يحدد الفصل 25 ولا غيره من نصوص ظهير 2 يونيو 1915 المراد بالتحسينات، لكن عند الرجوع إلى ظهير الالتزامات والعقود يتبين أن الفصل 963 منه يعبر عن نفس المعنى بمصطلح ﺁخر وهو "التجديدات"، ويعنى بها ما يقيمه الشريك على الشياع في الشيء المشترك من أبنية أو أغراس  أو منشآت.
ويقصد بالتحسين زيادة  قيمة العقار المبيع بسبب المصروفات التي قام بإنفاقها في الفترة ما بين شرائه الحصة المبيعة وممارسة الشفيع حق الشفعة، وذلك في سبيل إصلاح العقار وتقويته بالصيانة والترميم أو صبغه وتخصيصه، أو إدخال تحسينات عليه بالبناء والغراس.
والتحسين المقصود هو التحسين الذي قام به المشتري نفسه والذي نتجت عنه زيادة قيمة العقار المشفوع فيه، أما التحسين الاقتصادي، أي التحسين الطارئ على العقار بغير فعل المشتري، وإنما لأسباب اقتصادية عامة حصلت لعموم الأراضي فلا وجه للمطالبة عنه لأنه لا يعد من قبيل التحسينات التي أوجب القانون التعويض عنها.
وأهم التحسينات الطارئة على العقار بفعل المشتري وأبرزها والتي أثارت اهتمام المشرع في التشريعات الحديث وحظيت بتنظيم  محكم ،هي تلك الناتجة عن أعمال البناء أو الغراس لما لها من ﺁثار هامة، ليس فقط على قيمة العقار الاقتصادية بل حتى على مبلغ التعويض المستحق للمشتري منه، الأمر الذي جعل المشرع في بعض التشريعات كالتشريع المصري والتشريع العراقي، يفرق بين ما إذا بنى المشتري في العقار المبيع أو غرس فيه أشجارا قبل إعلانه برغبة الشفيع في ممارسة الشفعة أو بعد إعلانه بذلك  حتى لا يتعسف في استعمال حقه ورتب على كل حالة حكما، مغايرا حيث اعتبر المشتري في الحالة الأولى جائزا حسن النية، وفي الحالة الثانية سيء النية.
أما المشرع المغربي فبالرجوع إلى ظهير 2 يونيو 1915 يتبين أن مصطلح التحسينات ورد فيه مطلقا أي غير مقيد لا بحسن النية ولا بسوء النية إلا أنه بالرجوع إلى ظهير الالتزامات والعقود يتجلى أن الشريك الذي يقوم بالتحسينات أو التجديدات في الشيء المشترك بغير موافقة باقي الشركاء يعامل معاملة سيء النية إذ ينص الفصل 963 من الظهير أعلاه على: " ليس لأي واحد من المالكين على الشياع أن يجري تجديدا على الشيء المشاع بغير موافقة الباقين وعند المخالفة تطبق القواعد التالية:
أ‌- إذا كان الشيء قابلا للقسمة شرع في قسمته فإذا خرج الجزء الذي حصل فيه التجديد في نصيب من أجراه لم يكن هناك رجوع لأحد على اﻟﻶخر، أما إذا خرج في نصيب غيره كان لمن خرج نصيبه الخيار بين أن يدفع قيمة التجديدات وبين أن يلزم من أجراها بإزالتها وإعادة الأشياء إلى حالتها.
ب‌- إذا كان الشيء غير قابل للقسمة، حيث لباقي المالكين على الشياع أن يلزموا من أجرى التجديدات بإعادة الأشياء على حالتها على نفقته."
وإذا كانت هذه الأحكام تسري على الشريك الذي يجري تجديدا على الشيء المشاع بغير موافقة باقي الشركاء، فإنها تسري أيضا على المشفوع منه ، بوصفه خلفا خاصا طبقا للفصل 229 من ق.ل.ع.
وبناءا على ذلك، فإن المشتري لحصة شائعة في عقار يخضع لهذه القواعد وتطبق عليه نفس الأحكام، بمعنى أنه إذا بنى أو غرس، أو أدخل تحسينات على العقار المشاع الذي اشترى فيه حصة شائعة فيكون الحكم كما يلي:
أ‌- إذا  اتفق جميع المالكين على الشياع على القيام بهذه الأعمال فإن كل واحد منهم يتحمل نصيبا في نفقتها على حسب حصته ومنهم المشتري، فإن شفع الشركاء كلهم أو بعضهم حصة المشتري وجب عليهم أن يؤذوا له ما ساهم به في هذه التحسينات.
ب‌- إذا أجرى المشتري التحسينات على الحصة التي اشتراها فقط دون غيرها من بقية العقار، وذلك بإذن الشركاء، ثم شفع هؤلاء الشركاء أو بعضهم تلك الحصة من يد المشتري، فيجب على الشفيع أن يؤدي قيمة تلك التحسينات.
ت‌- إذا قام المشتري بإدخال تلك التحسينات على العقار على تلك الحصة المشتراة بغير إذن المالكين، ثم طلب الشركاء، أو بعضهم شفعة تلك الحصة فلا يحق للمشفوع منه أن يطالب بمقابل عن تلك التحسينات ولا يحق له أن يسترد شيء من ذلك.
هنا يجب تطبيق الحكم الذي يطبق على العقار غير المحفظ والمعتمد في الفقه المالكي، إذ أن المقرر في هذا الأخير أن المشتري إذا كان عالما حينما بنى أو غرس أن له شفيعا، فإنه يعامل معاملة سيء النية، لكونه تصرف تصرفا ماديا فيما اشتراه على الشياع مع علمه بوجود الشفيع، بحيث يكون للشفيع الخيار بين أن يأخذ ما أحدثه منه من أبنية أو أغراس ونحوها، بقيمته منقوضا أو مقلوعا أو أن يأمر المشفوع منه بإزالتها أو قلعها دون أن يكون له الحق في الرجوع على الشفيع بأي شيء وذلك لكونه كالمعتدي بالبناء أو الغراس في عقار يعلم أنه لغيره ، ويخضع بالتالي للفقرة الأولى من الفصل 18 من ظهير يونيو 1915 التي جاء فيها: " أما إذا أحدثت الأغراس أو البناءات أو المنشآت من طرف شخص انتزعت منه الأرض في دعوى الاستحقاق ولم يحكم عليه برد ثمارها نظرا لحسن نيته فإن رب الملك لا يمكنه أن يطالب بإزالة المنشآت أو الأغراس أو البناءات المذكورة، غير أنه يكون له الخيار بين أن يؤدي قيمة المواد مع أجرة اليد العاملة، أو أن يدفع مبلغا يعادل ما يزيد في قيمة الملك."


مواضيع قد تفيدك: