الشفعة ضد الشريك والأجنبي في العقار المحفظ.. الشفعة من الغير جائزة سواء كان مكتسب الحصة المشاعة من الغير أو واحدا من الشركاء



لقد كان القضاء في المغرب أولا الأمر يشترط في المشتري حتى تصح ممارسة الشفعة ضده أن يكون أجنبيا عن الشركاء، فقد قضت محكمة الاستئناف بالرباط بأن الشفعة لا تمارس إلا إذا كان مكتسب الحصة المشاعة من الغير. إلا أن نفس المحكمة تراجعت عن رأيها واعتبرت الشفعة من الغير جائزة سواء كان مكتسب الحصة المشاعة من الغير أو واحدا من الشركاء.
لكن المجلس الأعلى حسم هذه المسألة واعتبر أن الشفعة جائزة ضد المشتري، سواء كان أجنبيا عن الشركاء أو كان أحدهم حيث جاء في قراره: " لكن حيث إن الفقه الإسلامي الذي يحتج به الطاعن لا يمنع الأخذ بالشفعة من يد الشريك ولا يقيم أي تفرقة بين الشفعة من الشريك والشفعة من الأجنبي إلا من حيث أثر الشفعة، فبالنسبة للأجنبي يؤخذ منه المبيع كله، بينما بالنسبة للشريك يترك له جزء من المبيع في حدود حصته ، وإن هذه القاعدة هي التي تقررها المقتضيات المنصوص عليها في ظهير 2 يونيو 1915 المطبق على العقارات المحفظة الذي هو القانون الواجب التطبيق في النازلة، وأن المراد بالغير في نص الفصل 25 من الظهير المذكور ليس هو الأجنبي عن العقار وإنما هو الأجنبي عن عقد البيع، وأن هذا التفسير هو الذي يجب أن يعطى لنص الفصل 974 من ق.ل.ع المحتج به ولهذا فقد كانت المحكمة على صواب حين قضت على الطاعن بالشفعة في حدود حصته المطلوب في النقض، فالوسيلة تكون لهذا غير مرتكزة على أساس."
والرأي السائد حاليا في الفقه والقضاء على أن الشفعة تثبت للشريك والأجنبي مع ضرورة التقيد بمبدأ الأولوية، ذلك أن الفصل 29 من ظهير 2 يونيو 1915 أوجب أن " كل شريك في الملك يشتري جزءا من العقار يصبح مشاركا في ممارسة الأخذ بالشفعة كغيره من باقي الشركاء بقدر الحصة التي كان يملكها قبل الشراء."
فهذا النص يظهر بجلاء أن نية المشرع انصرفت إلى إعطاء الشركاء حق ممارسة الشفعة لا في مواجهة الشخص الغريب الذي اشترى حصة شائعة من أحد المشتاعين ، بل حتى في مواجهة  الشريك الذي يشتري حصة مشاعة من شريك ﺁخر.
ويرى الأستاذ مأمون الكزبري أنه من فضائل ذلك أنه يمنع على أحد الشركاء الاستئثار بإضافة حصة شريك أو أكثر إلى حصته الأصلية، ويمكن الشركاء من المحافظة على نسبة الحصص في الشيء المشاع ﺈذ هم استعملوا الشفعة في مواجهة الشريك المشتري . إلا أن البعض  يخالف هذا الرأي بقوله: " (... ) إذا كان الغرض من تشريع الشفعة هو إبعاد الغرباء عن المشتاعين ولم شتات الملكية ورفع ضرر الشركة، فإن البيع الصادر من أحد المشتاعين لأي مشتاع آخر إنما يحقق هذا الهدف بالذات وممارسة الشفعة تجاه المشتري الشريك إنما تبتعد عن الهدف الحقيقي الذي من أجله شرعت الشفعة وتؤدي إلى تقليص سلطان الإرادة وتقييد حرية التعاقد وتتسبب في إقامة منازعات يكون الغرض منها غالبا هو التعسف في استعمال الحق وإزعاج المالكين على الشياع وتقييد تصرفاتهم في حقوقهم...".
ومن جانبا نؤيد ما ذهب إليه الرأي المعارض على اعتبار أن الشفعة شرعت لرفع ضرر الدخيل، ونحن نرى أن شراء الحصة من طرف الشريك يبقي الحال كما هو عليه إذ لا يوجد ضرر في هذه الحالة.
ونشير في الأخير أن المشفوع منه قد يكون شخصا طبيعيا كما قد يكون شخصا معنويا، فالشرط الوحيد المطلوب فيه هو أن يكون قد تملك الحصة الشائعة بمقتضى عقد بيع.


مواضيع قد تفيدك: