تساوي الشركاء في استحقاق الشفعة على عدد رؤوسهم أو اقتسام الحصة الشائعة على قدر حصصهم.. السبب في ثبوت الشفعة هو أصل الشراكة لا قدرها



إن ما ينبغي أن نسلم به أن الشركاء كلما كان مدخلهم واحدا إلا واستحقوا الشفعة بالتساوي، وهذا الاستحقاق للشفعة بالتساوي قد يكون سببه الشراء، وقد يكون سببه الإرث، أو الهبة أو الوصية أو غير ذلك من أسباب كسب الملكية.
إلا أن هناك نقاشا بين الفقهاء حول ما إذا كان هؤلاء الشركاء يستحقون الشفعة على عدد رؤوسهم، أم يقتسمون الحصة الشائعة على قدر حصصهم.
فبالنسبة للحنفية إذا تعدد أهل الطبقة من الشفعاء وطلبوا الشفعة جميعا، قسمت بينهم بالتساوي من غير تفضيل صاحب النصيب الأكبر على صاحب النصيب الأصغر، وذلك بأن الأصل عند الحنفية أن السبب في ثبوت الشفعة هو أصل الشراكة لا قدرها، كما أن ثبوت الشفعة إنما يثبت لدفع ضرر الدخيل، وذلك قدر مشترك للجميع ما داموا في طبقة واحدة بلا مرجح، فيثبت للجميع الحق في التساوي.
أما الشافعية والمالكية والحنابلة فإن القسمة تكون حسب نسبة كل ما يملكه كل من طالبي الأخذ بالشفعة، لأنها وجبت لكل منهم بسبب ما يملكه من العقار المشترك مع العقار المبيع فيأخذ كل منهم بقدر ما يملكه من هذا العقار  وفي هذا الصدد يقول ابن عاصم في أرجوزته:
والشركاء للشفيع وجبا  **** أن يشفعوا معه بقدر الأنصاب
ويقول ابن رشد:"ﺇن الشفعة حق يستفاد وجوبه بالملك المتقدم، فوجب أن يوزع على قدر الأصل.. و الضرر داخل عليهم على غير استواء، لأنه إنما دخل على كل واحد منهم بحسب حصته، فوجب أن يكون استحقاقهم لدفعه على تلك النسبة.
أما بالنسبة للمشرع المغربي، فإذا كانت حقوق الشركاء جميعا مصدرها واحد (كالإرث أو الشراء) وأبدو جميعا رغبتهم في الشفعة ،فإنه يجب تطبيق مقتضيات الفصل 26 من ظهير 2 يونيو 1915 الذي يقضي بأنه: " يمارس هذا الحق (حق الشفعة) على نفس العقار من طرف جميع الشركاء كل بقدر نصيبهم، فإن تنازل البعض منهم فإن هذا الحق يمارسه الباقون  بقدر حصصهم." وكذلك الفصل 974 من ق.ل.ع الذي ينص " لكل من المالكين على شياع أن يشفع بنسبة حصته." وهذا ما نصت عليه أيضا المادة 161 من مشروع القانون 19.00 المتعلق بمدونة الحقوق العينية في فقرتها الثانية التي جاء فيها: " إذا تعدد الشركاء كان لكل منهم الحق بالشفعة بقدر حصته في العقار المشاع... ".
من خلال النصوص السالفة الذكر يتبين أن التشريع المغربي يتطابق مع قواعد الفقه  الإسلامي جملة وتفصيلا في هذا المجال، وعليه فإن جميع الشركاء يمارسون حقهم في الشفعة وتوزع الحصة المشفوعة بحسب أنصبتهم في الشياع لا بحسب عدد رؤوسهم.
ومثال ذلك أن يكون هناك عقار مشترك بين زيد وبكر وخالد، فلزيد منه النصف ولبكر الثلث ولخالد السدس، فيكون مجموع أسمهم ستة  ولزيد منها النصف وهو ثلاثة ولخالد منها السدس وهو واحد، ولبكر الثلث وهو اثنان، فإذا باع زيد حصته وهي ثلاثة أسهم فيقسمها شركاءه على مجموع أسهمهم وهي ثلاثة: لبكر منها اثنان ولخالد واحد. وتبعا لذلك توزع الحصة  المبيعة على أسهمهم لبكر ثلثان2/3، ولخالد ثلثها 1/3، وإذا باع بكر حصته في المثال السابق، وهي تمثل سهمين من ستة، فالباقي أربعة أسهم، فتوزع الحصة المبيعة على أربعة أسهم لزيد ثلاثة أرباعها 4/3، ولخالد الربع الواحد منها وإذا باع خالد حصته وهي تمثل سهما واحدا من ستة، الباقي هو خمسة أسهم فتوزع الحصة على خمسة لزيد ثلاثة أخماسها 5/3 ولبكر منها خمسان 5/2.
وكما هو معلوم قد يبيع أحد الشركاء نصيبه للغير، كما قد يبيعه لأحد معه من الشركاء معه في العقار، وذلك كما إذا باع شريك حصته لشريك آخر وطالب باقي الشركاء الشفعة فإن ذلك الشريك المشتري يعامل كما لو كان شريكا يطلب الشفعة وليس مشتريا، ومعنى هذا أن هذا الشريك إذا كان أولى من غيره بالشفعة فلا يستحق أحدهم الشفعة حينئذ، وإذا كان الشركاء الآخرون أو بعضهم أولى منه بالشفعة فإنهم يستحقون شفعة جميع ما اشتراه فيأخذون منه ويوزعونه بينهم حسب نصيب كل واحد منهم ،وﺇﻧا كان هذا الشريك في درجة الشركاء الطالبين للشفعة أيضا بحيث يترك له جزء من الحصة على قدر نصيبه الذي كان يملكه قبل الشراء، وهذا ما نص عليه الفصل 29 من ظهير 2 يونيو 1915 بقوله " كل شريك في الملك يشتري جزءا من العقار يصبح مشاركا في ممارسة الأخذ بالشفعة كغيره من باقي الشركاء بقدر الحصة التي كان يملكها قبل الشراء.
فهكذا يتبين أن الشركاء يكونون مضطرين شرعا وقانونا أن يتركوا للشفيع مقدار نسبة حظه المملوك قبل الشراء من غير أن يرفع دعوى لأنه لا يمكن أن ترفع دعوة شفعة لنفسه ضد نفسه.
وفي هذا الصدد جاء قرار للمجلس الأعلى يقضي " لا يمكن للمشتري الشريك أن يمارس الشفعة من نفسه لنفسه بل يترك له حظه من طرف الشفعاء الآخرين، إلا أن هذا الترك ليس جبرا عليه فإذا أبدى رغبته في التنازل فلا يترك له.


مواضيع قد تفيدك: