الآثار الاقتصادية والاجتماعية لبرنامج التصحيح الهيكلي في الجزائر.. ارتفاع معدلات البطالة وتراجع المستوى التعليمي والصحي نتيجة للتدابير التقشفية



لا تزال النتائج الاقتصادية و الاجتماعية لبرنامج التصحيح الهيكلي تشكل موضوع جدل واسع لمختلف الاقتصاديين والمحللين وذلك بالرغم من مرور أكثر من 4 سنوات على نهاية فترة البرنامج الذي اعتمدته الجزائر في أفريل من سنة 1994 بسبب الظروف الداخلية و الخارجية الغير ملائمة. نقصد بالظروف الداخلية هنا و بصورة عامة تزايد ضغط المديونية الخارجية التي بلغت خدماتها آنذاك مستويات حرجة حيث تجاوزت 80٪ من الصادرات تردي مختلف المؤشرات الاقتصادية وتفاقم الاختلالات في التوازنات المالية الكبرى هذا بالإضافة إلى الظروف الأمنية الصعبة وعدم الاستقرار السياسي التي مرت بها البلاد . أما العوامل الخارجية فيمكن اختصارها في تراجع فرص الاقتراض أمام الجزائر وعدم ثقة المتعاملين الأجانب في الاقتصاد الوطني و ذلك كنتيجة طبيعية للأوضاع الداخلية.
وإذا كان بعض الاقتصاديين يعتبرون أن الاقتصاد الجزائري قد حقق نتائج إيجابية خاصة على المستوى الكلي في ظل البرنامج الذي تبنته الجزائر بدعم من صندوق النقد الدولي أين تحسنت معظم المؤشرات الاقتصادية الكلية و عاد النمو الاقتصادي بعد فترة طويلة نسبيا من الركود بالإضافة إلى استرجاع التوازنات المالية، حيث أصبح الاقتصاد الوطني أكثر استجابة للتحولات و الصدمات الخارجية، و إذا كان لكل دواء مضاعفاته، فإن الدواء المقترح من طرف الصندوق لا يخلو هو الآخر من المضاعفات السلبية و إن كانت ظرفية و مؤقتة لنلتقي بذلك آراءهم مع آراء خبراء صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بالآثار القاسية للبرنامج على الجانب الاجتماعي.
إن البعض الآخر لا ينظر للواقع الاقتصادي الجديد الذي أفرزه برنامج التصحيح الهيكلي بنفس المنظار ذلك أن التوازن الداخلي والخارجي في رأيه ما هو إلا أداة لتحقيق أهداف قاعدية و أساسية يتمثل عموما في تحقيق معدلات نمو مرتفعة و مستديمة وتوزيع عادل للدخل. فهل تحققت تلك الأهداف؟ بحيث هذا الفريق بالنفي، بل و يؤكد أن البرنامج الذي اعتمدته الجزائر قد أدى إلى تفاقم الوضعية الاجتماعية حيث ارتفعت معدلات البطالة وتراجع المستوى التعليمي والصحي وذلك كنتيجة للتدابير التقشفية، حيث تزايد الفقر و البؤس و تضاعفت الفوارق الاجتماعية بين مختلف شرائح المجتمع كما يؤكد تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية لسنة 1999 إذ يشير أن 20٪ من أغنى فئات المجتمع الجزائري تستحوذ على ما يقارب 50٪ من الدخل . إن هذه النتائج كانت متوقعة  بالنظر لتجارب البلدان المختلفة التي سبقتنا في هذا المجال باعتبار أن هذه الأخيرة مستمدة أساسا من تجارب البلدان المتطورة و التي تختلف اختلافا جذريا عن تجارب البلدان المختلفة.


مواضيع قد تفيدك: