الأزمة المكسيكية الحديثة والهيمنة الأمريكية على صندوق النقد الدولي.. دفع صندوق النقد ثمن المضاربة على العملة المكسيكية بقرار إداري موافقة أغلبية الثلثين

من المعروف أن المكسيك قد تعرضت لأزمة مالية كبيرة نجمت بشكل أساسي عن  قيام الحكومة المكسيكية بتخفيض سعر العملة المكسيكية بنسبة 13% مقابل الدولار تم تعويمها في توقيت غير ملائم اقتصادياً أو سياسياً وبذلك قد بدأت موجة بيع العملة المكسيكية تجاه الدولار وهذا ما أدى إلى انخفاض البيسو بنسبة 45% مقابل الدولار خلال كانون الثاني، شباط عام 1995.

ومن المعروف أن المكسيك شريكة الولايات المتحدة في منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية وهي ثالث أهم شريك تجاري لها لذا كان عليها إنقاذ المكسيك وقد كانت تكلفة إنقاذ المكسيك باهظة تصل إلى 47.8 مليار دولار.

وقد رفض الكونغرس الأميركي أن تتحمل أميركا التكلفة بمفردها فما كان من الرئيس الأميركي إلا أن استخدم نفوذه لدى صندوق النقد الدولي وبنك التسويات الدولية لدفعهما إلى المساهمة لإنقاذ المكسيك مالياً (إذ كان المطلوب من صندوق النقد الدولي 17.8 مليار دولار وهي توازي 1015% من حصة المكسيك في الصندوق البالغة 17.53 مليون دولار وضمن هذا القرض تلقت المكسيك 7.8 مليار دولار فوراً وهي توازي 445% من حصتها في صندوق النقد الدولي وهو ما يعني عملياً الإطاحة بكل أسس إقراض الصندوق لأعضائه حيث في  قروض المساندة للإصلاح أو التحول الهيكلي فان كل دولة عضو يمكنها أن تحصل في أقصى الحالات الاستثنائية على 200% من حصتها خلال ثلاث سنوات).

وبذلك نلاحظ من خلال إقراض المكسيك انه قد تمت الإطاحة بكل هذه الأسس وذلك نزولا عند رغبة الولايات المتحدة التي تملك 18.3% من إجمالي الحصص.

ونظراً لكون الأزمة المكسيكية كانت سريعة للغاية فان الولايات المتحدة لم تنتظر للحصول على موافقة أغلبية الثلثين في الصندوق وإنما تم القرار بشكل إداري تماما رغم التجاوزات من قبل المدير العام كاميدسو الذي وافق أن يدفع صندوق النقد ثمن المضاربة على العملة المكسيكية إذ قال: (إن الأزمة المكسيكية كانت الأزمة الكبيرة الأولى في عالمنا الجديد عالم الأسواق المعولمة وأنه كان يتعين عليه التصرف دونما اخذ التكاليف بعين الاعتبار و إلا كانت اندلعت كارثة عالمية حقيقية).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال