الإطار القانوني والجبائي المنظم لتصفية رسوم نقل الملكية عن طريق الوفاة: قواعد خصم الديون وآليات الرقابة الإدارية على عناصر التركة

النظام القانوني لتصفية وحساب رسوم نقل الملكية عن طريق الوفاة:

يهدف هذا العرض إلى توضيح الآليات القانونية المعتمدة لتحديد صافي التركة الخاضع للضريبة، وذلك من خلال ضبط الأصول والخصوم، وتحديد الديون القابلة للخصم، والإجراءات الرقابية التي تمارسها إدارة الضرائب.


أولاً: تحديد وعاء الضريبة (الأصول والخصوم)

لتحديد القيمة الصافية التي ستفرض عليها الرسوم، يتم اتباع القواعد التالية:

  • مبدأ خصم الديون: تُخصم من أصول التركة جميع الديون التي كانت على عاتق المتوفى، شريطة أن يكون وجودها ثابتاً بصفة قانونية ويقينية يوم الوفاة، ومستندة إلى وثائق رسمية يمكن الاحتجاج بها قضائياً.
  • خصم الضرائب المستحقة: تعتبر الضرائب التي يتم تحديدها بعد الوفاة (مثل ضرائب الدخل أو الرسوم الأخرى المترتبة على المتوفى) ديوناً واجبة الخصم من أصول التركة قبل حساب الرسم.
  • التخفيض الجزافي: بعد حصر الأصول، يتم تطبيق تخفيض مالي قدره 50,000 دج من إجمالي قيمة التركة قبل فرض الضريبة.
  • حالة تجزئة الملكية: إذا كان الدين متعلقاً بملكية مقسمة بين "ملكية الرقبة" (لشخص) و"حق الانتفاع" (لشخص آخر)، فإن الدين يُخصم من الأصول مع مراعاة قواعد توزيع الحقوق المنصوص عليها قانوناً.


ثانياً: إجراءات إثبات الديون التجارية والرقابة الجبائية

تتمتع إدارة الضرائب بصلاحيات واسعة للتحقق من صحة الديون التجارية والمدنية:

  • فحص الدفاتر التجارية: في حالة الديون التجارية، يحق للإدارة طلب الدفاتر التجارية للمتوفى. يجب إيداع هذه الدفاتر لدى مصلحة التسجيل لمدة 5 أيام للفحص، ويجب أن تظل متاحة لمصلحة المراقبة لمدة سنتين.
  • عقوبة الامتناع: أي رفض لتقديم هذه الدفاتر أو إخفائها يعرض الورثة لغرامة مالية تعادل قيمة الرسوم التي كان سيتم تحصيلها لو لم يُخصم الدين.
  • سلطة التحري: للإدارة الحق في التفتيش والبحث في المستندات للتأكد من صحة التصريح بالأصول. وفي حال نشوب نزاع قضائي، لا يمكن للورثة الامتناع عن تقديم هذه المستندات.


ثالثاً: شروط وإجراءات طلب خصم الديون

لكي يُقبل خصم الدين من التركة، يجب على الورثة اتباع إجراءات محددة:

  • إعداد قائمة الجرد: تقديم جرد مفصل للديون (معفى من الطابع) يودع لدى مصلحة التسجيل، موقعاً ومصدقاً من قبل المصرح.
  • تدعيم الطلب بالمستندات: يجب أن يتضمن طلب الخصم إشارات دقيقة مثل:

  1. تاريخ العقد واسم الموثق.
  2. تاريخ ومنطوق الأحكام القضائية (في حال وجود نزاع أو إفلاس).
  3. محاضر تصفية الديون أو جداول التوزيع النهائية.

  • شهادة الدائن: يحق لمفتش التسجيل طلب "شهادة من الدائن" تؤكد بقاء الدين في ذمة المتوفى يوم وفاته. يجب على الدائن تقديم هذه الشهادة (تحت طائلة التعويض)، مع إقراره بمعرفته بالعقوبات المترتبة على الشهادة الزورية.
  • حق الإطلاع: لا يجوز للدائن رفض إطلاع الورثة أو الإدارة على سندات الدين أو رفض منح نسخ مصححة منها، وتكون هذه النسخ معفاة من إجراءات التسجيل.

رابعاً: الديون المستبعدة من الخصم (الاستثناءات)

حدد القانون حالات لا يُسمح فيها بخصم الديون من التركة، وهي:

  • الديون القديمة المستحقة: الديون التي حل أجل استحقاقها منذ أكثر من ثلاثة أشهر قبل الوفاة، ما لم يقدم الدائن شهادة تثبت أن الدين لا يزال قائماً.
  • الديون العائلية: الديون المعقودة بين المتوفى وورثته أو وسطاء (أقارب)، إلا إذا كانت ثابتة بموجب عقد رسمي أو عقد عرفي له تاريخ ثابت قبل الوفاة (دون أن يكون ثبوت التاريخ ناتجاً عن الوفاة نفسها).
  • الديون الوصائية: الديون التي يعترف بها المتوفى عن طريق الوصية.
  • الرهون العقارية منتهية القيد: الديون المضمونة برهون فات ميعاد تجديد قيدها لأكثر من ثلاثة أشهر، إلا إذا أُثبت أنها لم تُسدد بعد.
  • الديون الأجنبية: الديون الناتجة عن عقود أو أحكام صادرة في الخارج (ما لم تكن منفذة في الجزائر)، أو الديون العقارية المرتبطة بأملاك في الخارج.
  • الديون المتقادمة: الديون التي سقطت بالتقادم (مرور الزمن) ما لم يثبت انقطاع هذا التقادم.

خامساً: معالجة الديون المتنازع عليها أو غير المثبتة

  • رفض الخصم المؤقت: إذا رأى عون التسجيل أن إثباتات الدين غير كافية، لا يتم خصم الدين ويُحصّل الرسم كاملاً.
  • حق الاسترجاع: يحق للورثة المطالبة باسترجاع الرسوم المدفوعة بزيادة خلال مهلة 4 سنوات، إذا تمكنوا لاحقاً من إثبات صحة الديون (مثل صدور حكم نهائي بالإفلاس أو التسوية القضائية).
  • الديون الآجلة: لا تملك الإدارة حق استبعاد الديون المثبتة بعقود رسمية لمجرد أنها لم تستحق بعد يوم الوفاة، إلا إذا أثبتت الإدارة صوريتها (أنها وهمية)، وللإدارة مهلة 10 سنوات لإقامة دعوى إثبات الصورية.

سادساً: قرائن دمج الأموال في التركة (مكافحة التهرب الضريبي)

لمنع التهرب من الضرائب عبر نقل الملكية صورياً قبل الوفاة، يضع القانون القرائن التالية:

  • أصول حق الانتفاع: تُعتبر الأموال (عقارات، منقولات) التي كان المتوفى يملك "حق الانتفاع" بها بينما تعود "ملكية الرقبة" لورثته، جزءاً من التركة الخاضعة للضريبة، إلا إذا ثبت أن نقل الملكية تم عن طريق هبة قانونية قبل الوفاة بأكثر من 3 أشهر. وإذا كان الورثة قد دفعوا رسوم نقل الملكية سابقاً عند شراء الرقبة، يتم خصم تلك الرسوم من ضريبة التركة.
  • الأسهم والحصص: تُفترض ملكية المتوفى للأسهم والحصص والديون التي تعامل بها أو قبض عوائدها خلال السنة السابقة لوفاته. ولا يُعتد بالتنازل عنها للورثة كدليل عكسي إلا إذا كان التنازل مسجلاً بتاريخ ثابت قبل 6 أشهر من الوفاة.
  • الحسابات المشتركة: الأموال المودعة في حسابات مشتركة أو بالتضامن تُعتبر، من الناحية الجبائية، ملكاً للمتوفى وتخضع للضريبة (كلٌ بحسب حصته المفترضة)، ما لم يثبت الورثة أو الإدارة عكس ذلك من خلال وثائق الإيداع الرسمية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال