تاريخ وأصول قبيلة أحمر:
تنحدر قبيلة أحمر (أو أولاد أحمر) في المغرب من أصول عربية أصيلة تعود إلى شبه الجزيرة العربية، وتحديداً إلى قبائل بني معقل اليمنية. هذه الرحلة الطويلة تُعد مثالاً بارزاً للتحركات القبلية الكبرى التي أسهمت في تعريب أجزاء واسعة من المغرب الأقصى.
من أعماق الجزيرة العربية: أصل قبيلة أحمر
تُرجع الأصول التاريخية لقبيلة أحمر إلى قبائل بني معقل، التي كانت تستقر في اليمن قبل أن تبدأ هجرتها الكبرى غرباً ضمن موجات الهجرة العربية إلى شمال أفريقيا.
- المسار والهجرة: انتقلت قبائل معقل تدريجياً عبر شمال أفريقيا، واستقرت لفترة طويلة بين وادي درعة ونهر السينغال، حيث أشار إليها المؤرخون مثل ليون الإفريقي (الحسن الوزان).
- العمق التاريخي: يعود دخول أولاد أحمر بشكل فعلي إلى المغرب الأقصى في جملة القبائل التي أدخلها السلطان المنصور الموحدي بعد انتصاره على ابن غانية في تونس، ثم تفرقت هذه القبائل في التراب المغربي.
الاستقرار في سفوح الأطلس ومحيط مراكش
بعد وصولها إلى المغرب، استقرت قبيلة أحمر في منطقة تمتد مجالاتها في غرب مدينة مراكش، وهي منطقة تاريخية تابعة حالياً لجهة دكالة عبدة (أو ما يعرف الآن بجهة مراكش آسفي).
- الموقع الجغرافي: تقع أراضيها بين قبائل الكيش شرقاً والرحامنة ودكالة شمالاً، وتمتد جنوباً باتجاه قبيلة أولاد أبي السباع، وهي بذلك تقع في منطقة سهلية وهضبية بالقرب من سفوح جبال الأطلس الغربية.
- قاعدة القبيلة: تُعد مدينة الشماعية هي القاعدة الرئيسية والقاعدة الإدارية التاريخية التي تقع في وسط مجال القبيلة.
الدور السياسي والعسكري في المغرب:
لم يكن استقرار قبيلة أحمر مجرد استيطان، بل كان مصحوباً بتبوئها مكانة سياسية وعسكرية مهمة داخل الدولة المغربية المتعاقبة.
- خدمة الدولة السعدية: اشتهرت قبائل أحمر بـخدماتها العسكرية الجليلة التي قدمتها للسلطة، خصوصاً في عهد الدولة السعدية، حيث ساهمت في معارك السعديين ضد البرتغال. ونتيجة لذلك، مُنحت القبيلة مجالاً واسعاً امتد من شيشاوة حتى الحدود الجنوبية لدكالة.
- عصر العلويين: استمر نفوذهم في عهد الدولة العلوية. حتى أن السلطان المولى إسماعيل تزوج من امرأة تنتمي لهذه القبيلة، وهي حليمة غشاوة. كما احتضنت المنطقة مدرسة الأمراء العلويين في الشماعية، التي تخرجت منها نخبة كانت تسير دواليب الحكم في البلاد، مما يبرز دور القبيلة في الحياة السياسية والفكرية للدولة.
- المشاركة في الأحداث: شاركت القبيلة أيضاً في أحداث تاريخية لاحقة، مثل حركة الهيبة في حوز مراكش، وقدمت أعداداً كبيرة من الفرسان.
إن هذا الترحال من أعماق الجزيرة العربية إلى الأطلس يوضح كيف اندمجت قبيلة أحمر في النسيج المغربي، حيث أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التاريخ العسكري والسياسي والجغرافي للمنطقة.