أصول الكرارمة: دراسة تاريخية وفقاً لوثيقة مخطوطة
تُعتبر أصول القبائل والأحلاف جزءاً أساسياً من الهوية التاريخية للمنطقة، وفي هذا السياق، تُقدم وثيقة مخطوطة فريدة إضاءة مهمة على أصل قبيلة الكرارمة. هذه الوثيقة هي عبارة عن رسالة تاريخية أرسلها عبد الرحمان بن عبد القادر، وهو شخصية يبدو أنها ذات دراية بتاريخ المنطقة، إلى المراقب المدني الفرنسي رئيس دائرة تاوريرت.
محتوى الرسالة وسياقها التاريخي:
تاريخ هذه الرسالة يعود إلى 12 يناير 1934، وقد كُتبت رداً على طلب رسمي من المراقب الفرنسي الذي كان يسعى للحصول على معلومات تاريخية مختصرة حول ماضي الأحلاف وأهل وادزا والكرارمة. وهذا يدل على اهتمام الإدارة الفرنسية بتوثيق الأنساب والقبائل المحلية في تلك الفترة.
تُظهر الرسالة مدى الاعتماد على الروايات الشفهية المتوارثة عبر الأجيال، حيث يوضح عبد الرحمان بن عبد القادر أن المعلومات التي يقدمها مستمدة من "تقاتنا وكبائرنا ومن سلف من علمائنا". وهذا يؤكد أن المعرفة التاريخية كانت تنتقل شفهياً بشكل رئيسي.
القولان في أصل الكرارمة:
تُقدم الرسالة قولين مختلفين حول أصل قبيلة الكرارمة، وتُرجّح أحدهما على الآخر:
- القول الأول (الراجح): يُشير هذا القول إلى أن الكرارمة أصلهم من أولاد الحاج، وتحديداً من فرقة أولاد عبد الكريم. يُعتبر هذا النسب هو القول الراجح وفقاً للوثيقة، مما يربطهم بأحد أكبر التكتلات القبلية في المنطقة.
- القول الثاني (المرجوح): هذا القول يذكر أن أصلهم من عكرمة. يبدو أن هذا النسب أقل انتشاراً أو قبولاً بين الأجيال التي توارثت هذه المعرفة، ولهذا لم يُعتبر هو الأصل المعتمد.
أهمية الوثيقة:
تُعد هذه الوثيقة، الموجودة بحوزة الحاج بوعلالة الشاوي، مصدراً تاريخياً قيّماً لأنها:
- تُقدم معلومات مباشرة من مصدر محلي موثوق به في زمنها.
- تُسلط الضوء على آليات تداول المعرفة التاريخية الشفهية.
- تُثبت اهتمام الإدارات الاستعمارية بتفاصيل الأنساب القبلية لأغراض إدارية.
في الختام، تُعتبر هذه الرسالة شاهداً تاريخياً على أن أصل الكرارمة يعود إلى فرقة أولاد عبد الكريم من أولاد الحاج، وهو ما ترسخ في الذاكرة الجمعية للمنطقة عبر تواتر الأجيال.