المفروض أن يقوم المدين بوفاء حق الدائن اختيارا، فإن امتنع عن ذلك أو تأخر كان للدائن أن يقتضي حقه جبرا عنه، عن طريق التنفيد الجبري على أموال المدين، فجميع أموال المدين ضامنة لحقوق دائنه.
غير أن الضمان العام لا يكفي لتأمين حق الدائن إذ يظل الدائن معرضا لعدم كفاية أموال المدين للوفاء بحقه و مزاحمة الدائنين الآخرين له في استيفاءه لحقه من هذه الأموال.
لهذا كان لابد من وجود تأمين خاص لحق الدائن لجانب الضمان العام.
و قد اتخدت التأمينات الخاصة لحق الدائن إحدى الصورتين فقد تكون تأمينات شخصية Sûretés Personnelles وقد تكون عينية Sûretés Réelles التي بموجبها يتقدم الدائن الذي ينتفع بها على الدائن العادي و بالإضافة لحق التقدم Droit de préférence له أيضا حق التبع Doit de suite وقد كان ظهور التأمينات العينية متأخر عن التأمينات الشخصية.
ويرجع ذلك لأن التأمينات العينية تقوم في أساسها على العقار الذي كان ملك للأسرة جميعها حيث كان يمثل الثروة الحقيقية و يمثل الأسرة رئيسها فهو وحده الذي يحوز العقار ولا يملكه أما بقية أفراد الأسرة فكانوا يلجؤون للتأمينات الشخصية.
ويساعدهم على ذلك قيام روابط الأسرة و التضامن فيما بين أفرادها فكان النظام الاجتماعي للقبيلة السبيل المهيئ لهيمنة التأمينات الشخصية لما يوفر من تضامن و تكافل.
وقد كانت الحقوق العينية في القانون الروماني القديم مقصورة على الملكية فلم يكن في وسع المدين إذ أراد تقديم تامين عيني للدائن على مال له إلا نقل ملكية المال لهذا الأخير على أن يتعهد الدائن بإعادة نقل ملكية هذا المال عند وفاء المدين بالدين وإلا قام بيعه و استيفاء حقه من ثمنه دون مقاسمة باقي الدائنين.
وبعدما تفطن الرومان إلى عيوب التصرف التأميني هذا فكروا في وسيلة أخرى أقل خطورة على المدين وهي رهن الحيازة حيث يكون بمقتضاه للدائن حيازة المال موضوع التأمين وتبقى ملكية للمدين، و شاع استعماله على العقار وعلى المنقول، و لم يكن في بداية ظهوره يخول للدائن سوى حق حبس المرهون لحين الوفاء مما يشكل أداة ضغط على إرادة المدين دون حق البيع عند حلول أجل الدين و عدم الوفاء.
وحرم بند تملك الدائن العين المرهونة في حالة عدم الوفاء عند حلول الدين و استبدل ببند آخر يجيز للدائن إذا لم يف المدين بالدين شراء العين المرهونة بثمن عادل، ليتم في النهاية أدراج بند آخر بحيز للدائن عند عدم الوفاء حق بيع العين المرهونة و استيفاء حقه من ثمنها بالإضافة إلى حق الدائن المرتهن حياز يا في استرداد الحيازة إذا سلبها منه المدين أو الغير.
و من ذلك فان الرهن الحيازي بعبر عن مرحلة قديمة حيث كانت العقلية القانونية لا تتصور رهن الدائن لشيء دون انتقال حيازته.
وقد كان المقرض من يمنح جزافا دخل العقار المرهون و كان المدين يخصص دخل عقاره لدفع فوائد الدين وكان يخفي في معظم الأحوال فوائد ربوية أعلى من الفوائد المعتادة في عقد القرض.
و كان يعرف في القانون الفرنسي القديم Le mort-gage أي الرهن الميت إذ كان الدائن المرتهن حياريا يقبض ثمار الرهن ولا يخصمها من الدين.
وكان دخل العقار المرهون مخصص للوفاء بالفوائد فقط مهما كان مقدار هذا الدخل، أما في القانون الفرنسي الحالي فان الدائن يلتزم بخصم الفوائد ثم الأصل من دخل العقار ولم يعد بترك دخل العقار جزافا للدائن و يسمى باسم Le vif –gage أي الرهن الحي.
و قد نظم القانون المدني الجزائري الرهن الحيازي و أفرد للرهن الحيازي الوارد على العقار أحكاما خاصة به في ثلاث مواد تحت عنوانLe nantissement immobilier الرهن العقاري حيث يخضع في أحكامه إلى الأحكام العامة للرهن الحيازي من جهة و في بعض أحكامه لأحكام الرهن الرسمي.