الزاوية المعينية: تاريخ مؤسسها الشيخ ماء العينين ودورها الديني والسياسي في توحيد قبائل الصحراء تحت حكم السلطان الحسن الأول

الزاوية المعينية: تاريخ مؤسسها ودورها الديني والسياسي

تُعد الزاوية المعينية من أبرز الزوايا الصوفية التي كان لها تأثير كبير في تاريخ المنطقة المغاربية، وخاصة في الصحراء. ترتبط هذه الزاوية ارتباطًا وثيقًا بشخصية مؤسسها الشيخ محمد بن المصطفى ولد محمد فاضل ولد مامين القلقمي، المعروف بـ الشيخ ماء العينين.


نسبه ونشأته:

ولد الشيخ ماء العينين في أقصى جنوب موريتانيا سنة 1830م. كان الابن الثاني عشر من بين إخوته الثمانية والأربعين، وقد انحدرت أسرته من سلالة عربية مهاجرة من اليمن. ما ميز الشيخ ماء العينين عن باقي إخوته هو طموحه المعرفي، حيث لم يكتف بالتحصيل المحلي، بل توجه إلى مدينة فاس المغربية لاستكمال تعليمه، مما أكسبه ثقافة واسعة وعمقًا في العلوم الشرعية.


دوره التحكيمي والإصلاحي:

أدرك الشيخ ماء العينين أهمية الوحدة بين قبائل الصحراء، واستغل مكانته الدينية ليلعب دورًا محوريًا في فض النزاعات. كانت السلطة الدينية في تلك الفترة تحظى باحترام يفوق السلطة القبلية، حيث كان الشيوخ الدينيون يُلجأ إليهم للتعلم والتبرك، والأهم من ذلك، لحل الخلافات.

  • التحكيم بين القبائل: استطاع الشيخ ماء العينين بفضل مكانته الروحية أن يُصبح حكمًا مقبولًا بين قبائل الصحراء المتنازعة. من أبرز الأمثلة على دوره الإصلاحي هو تدخله في الحرب التي نشبت بين قبيلتي "أولاد غيلان" و**"الركيبات"**، حيث تمكن بوساطته من إنهاء الصراع وعقد الصلح بينهما في زاويته بالسمارة.

تأسيس الزاوية المعينية وعلاقتها بالسلطان:

لعب الشيخ ماء العينين دورًا دبلوماسيًا وسياسيًا مهمًا، حيث تمكن من التقرب من السلطان الحسن الأول، ليس بقوة السلاح، بل بلغة الإصلاح التي كانت تتناسب مع الوضع القبلي آنذاك. اعترف السلطان بمكانة الشيخ ودوره في المنطقة، ونتيجة لهذا التقارب، أصدر السلطان أمرًا بتأسيس زاوية بالسمارة سنة 1889م.

كان لهذه الزاوية أدوار متعددة:

  • دور ديني: كانت مركزًا للعبادة والتعليم الديني، حيث تخرج منها العديد من العلماء والفقهاء.
  • دور سياسي: مثّلت الزاوية مركزًا للنفوذ المغربي في الصحراء، وعملت على توحيد القبائل تحت راية السلطان لمواجهة التهديدات الخارجية.
  • دور اجتماعي: أصبحت الزاوية ملتقى للقبائل، ومكانًا لحل نزاعاتها، مما عزز من الترابط الاجتماعي في المنطقة.

بفضل هذه الأدوار المتكاملة، أصبحت الزاوية المعينية منارة دينية وسياسية، ورمزًا للوحدة والاستقرار في الصحراء المغربية.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال