قبيلة أزوافيط: النفوذ التاريخي، التحالفات المتقلبة، ودورها المركزي في ديناميكيات تحالفات أيت بلا

قبيلة أزوافيط: نفوذ تاريخي وعلاقات متقلبة في تحالفات أيت بلا

تُعتبر قبيلة أزوافيط وحدة قبلية ذات أهمية تاريخية ونفوذ كبير ضمن تحالف أيت بلا في المغرب. لطالما كانت هذه القبيلة هي الوحدة المسيطرة داخل هذا التحالف، وتستقر جغرافيًا في الجهة الواقعة شمال غرب تراب قبيلة أيت أوسا. يعكس حجمها الكبير، الذي بلغ حوالي 900 أسرة، قوتها وتأثيرها الديموغرافي والسياسي في المنطقة.


التوزع الجغرافي والقيادات البارزة:

تنتشر مساكن قبيلة أزوافيط، أو ما يُعرف بـمداشرها، في عدة مناطق رئيسية تشمل: واعرون، أسرير، تيغمرت، وزيويلة. هذه المواقع الاستراتيجية منحت القبيلة سيطرة على مساحات جغرافية هامة.

برز من بين قادة أزوافيط العديد من الشخصيات المؤثرة، وكان من أبرزهم "أحمد ولد المعطي"، الذي لعب دورًا حيويًا في توجيه شؤون القبيلة وتعزيز نفوذها خلال فترات مختلفة.


علاقات متوترة قبل دخول أيت أوسا:

قبل أن تنضم قبيلة أيت أوسا إلى تحالف أيت بلا، كانت علاقات أزوافيط مع القبائل الأخرى داخل هذا التحالف متوترة جدًا. هذا التوتر لم يكن عارضًا، بل كان مرتبطًا بشكل أساسي بـتعارض المصالح بين هذه القبائل. غالبًا ما كانت النزاعات تدور حول الموارد، الأراضي، أو السيطرة السياسية.

تُبرز إحدى الوثائق التاريخية معالم هذا التناقض بوضوح، حيث تشير إلى: "... وقَع الانبراء والانفصال القاطع لكل مجة ودعوة بين أبناء مليل وجماعة أزوافيط على جميع نصف دية...". هذا الاقتباس يعكس مدى عمق الخلافات التي وصلت إلى حد الانفصال التام في الالتزامات والمسؤوليات، بما في ذلك تسوية الديات (التعويضات المالية عن الأضرار أو القتل)، مما يدل على طبيعة العلاقات العدائية السائدة.


تحول العلاقات: دخول أيت أوسا وتحالف المصالح

شهد عام 1824 تحولًا جذريًا في العلاقات داخل تحالف أيت بلا. في هذه السنة، دخلت قبيلة أيت أوسا في علاقات جيدة ومستقرة مع أزوافيط. تؤكد وثيقة أخرى هذا التحول الإيجابي، حيث تنص على: "... والبراء صحيحًا في نصف دية المذكورة أعلاه وهي خمسين مثقالًا إبراءًا تامًا ثم لا شيء بينهما إلا المودة والرحمة". هذا النص لا يشير فقط إلى تسوية نزاعات سابقة، بل يؤسس لعلاقة جديدة قوامها الود والتعاون.

ابتداءً من عام 1879، طرأ تغيير آخر في التحالفات، حيث انتقلت قبيلة أيت أوسا إلى تحالف أيت عثمان، وذلك إثر خلافات نشبت بينها وبين قبيلة أيت لحسن. هذا الانتقال لم يؤثر سلبًا على العلاقة مع أزوافيط؛ بل على العكس، ازدادت العلاقة تحسنًا بين الطرفين، أي أزوافيط وأيت أوسا.

تعززت هذه العلاقة على أساس المصالح المشتركة، والتي شملت:

  • التبادل التجاري: مما عزز الروابط الاقتصادية بينهما.
  • الاستغلال المشترك للمراعي: وهو أمر حيوي في المجتمعات الرعوية، ويقلل من نقاط الاحتكاك.
  • الدفاع عن مصالح التحالف: وهذا ما تجلى بوضوح عندما تحالفت قبيلة أزوافيط وقبيلة أيت أوسا معًا ضد قبيلة أيت لحسن، مما يؤكد قوة التحالف الجديد وفعاليته في مواجهة التحديات المشتركة.

أيت أوسا كطرف محكم: نزاع أزوافيط وأيت ياسين

لا يقتصر دور أيت أوسا على التحالفات السياسية والعسكرية؛ فالرواية الشفوية تحكي عن دورها التحكيمي في حل النزاعات. تُشير هذه الروايات إلى أن أيت أوسا كان لها دور حاسم في حل النزاع الذي نشب بين أزوافيط وقبيلة أيت ياسين. تعود أسباب هذا النزاع إلى حادثة نهب حمولة لأيت ياسين من طرف أزوافيط.

أدى هذا النهب إلى استغاثة أيت ياسين بقبيلة أيت لحسن طلبًا للمساعدة والانتقام. لولا التدخل الحكيم والفعال من جانب أيت أوسا، الذي سعى لحل النزاع سلميًا، لكانت الأمور قد تصاعدت إلى صراع مسلح بين أزوافيط وأيت ياسين. بفضل وساطة أيت أوسا، تمكنت من فض النزاع وتجنب سفك الدماء، ونتج عن ذلك عودة قبيلة أيت ياسين إلى تحالفها الأصلي أيت عثمان. هذا الدور التحكيمي يبرز مكانة أيت أوسا ليس فقط كشريك عسكري وتجاري، بل كقوة استقرار تسعى لفض النزاعات بالطرق السلمية.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال