تشمل العقود التوثيقية كل العقود الناقلة للملكية العقارية المحررة من طرف الموثقين حسب الكيفيات والشروط المنصوص عليها في الأمر 91/70 المتعلق بالتوثيق.
وهذه العقود تودع في نسختين أحدهما في إجراء الاشهار، ملخص للعقد، شهادة ميلاد الأطراف.
نصت المادة 324 من القانون المدني على أن "العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه".
وبالنظر إلى نص المادة 324 من القانون المدني الجزائري نلاحظ أن المشرع لم يُصِب في تحديده لمصطلـح " العقد الرسمي"وهو نفس المصطلح الذي نص عليه المشرع في المادة 284 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بصدد الحديث في موضوع الحجية ، ويلاحظ أن المشرع أخلط بين التصرف القانوني وأداة إثباته فأطلق لفظ "العقد الرسمي" على التصرف ثم استعمل اللفظ ذاته على أداة إثباته فقيل "عقد رسمي وعقد عرفي" وقصد بذلك الورقة الرسمية أو الورقة العرفية التي تعد لإثبات التصرف.
وبالرجوع إلى النص بالفرنسية استعمل كلمة " Acte " والتي تفيد "الورقة أو السند" وهي الترجمة الصحيحة إذ هناك فرق أساسي بين التصرف القانوني الذي يتم بتوافق إرادتين الذي يسمى "عقدا" وأداة إثباته أي الورقة أو السند التي دُوِنَ فيها اتفاق المتعاقدين، والورقة الرسمية أعم من العقد الرسمي وهي تشمل كل محرر يثبت فيه ضابط عمومي أو موظف عام ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن 15 ولها حجية بين أطرافها وبالنسبة للناس كافة، ولكنها لا تصلح كسندات تنفيذية، وإنما العقود التوثيقية وهي الصادرة عن موثق بصفته ضابط عمومي له طبيعة خاصة في تعيينه وكذا اختصاصه الوطني نظرا للدور الخطير الذي يضطلع به والذي أسندت الدولة له جزءا هاما من سلطاتها والخاصة بإبرام العقود وتنظيم المعاملات المالية التجارية والمدنية الخاصة والعامة للأفراد.
ليلاحظ أن العقد التوثيقي الذي أورده المشرع في نص المادة 600/ف11 يقصد به العقد بمعناه المادي أي المحرر أو الورقة المثبتة للتصرف وليس بمعناها الموضوعي أي الاتفاق أو توافق الإرادتين، لأن المحرر قد يتضمن تصرفا مصدره الإرادة المنفردة كالوصية والوقف...إلخ.
وجرى العمل على إطلاق مصطلح العقود التوثيقية على السندات الرسمية وهي تلك المحررات التي يقوم الموثق بتحريرها بصفته ضابط عمومي طبقا للأشكال والترتيبات المنصوص عليها قانونا في حدود اختصاصه، ويتم توقيعها من طرف المتعاقدين والشهود إذا حضروا وتوقع وتختم بختمه الرسمي، وتشمل العقود الرسمية والعقود الاحتفالية والعقود التصريحية.
1- العقود الرسمية (العقود الشكلية):
حسب نص المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني فهي تلك العقود التي تصدر من الموثق بصفته ضابط عمومي، وهي كثيرة ومتنوعة لكن أكثرها أهمية ما كانت مثبتة للتصرفات الواقعة على الملكية العقارية سواء كانت حقوق عينية أصلية أو حقوق عينية تبعية واقعة على عقار منها: عقد البيع وعقد المبادلة وعقد الرهن الرسمي.....إلخ.
2- العقود الاحتفائية:
هناك نوع معين من العقود تسمى العقود الاحتفائية والتي في أساسها عقود رسمية لكن ليس كل العقود التوثيقية على عمومها عقودا احتفائية إذ لم يقم المشرع الجزائري بتحديد هذه العقود لا بتسميتها ولا حتى بوضع معيار تشريعي معين يسمح بتكييفها، لكن العمل القضائي والتوثيقي خاصة لم يختلف حول اعتبار كل من عقود الهبة –الوقف –الوصية- الزواج عقودا احتفائية (حضور شهود العدل في العقود الاحتفائية واجب تحت طائلة بطلان العقد على خلاف العقود الرسمية التي لا يعتبر حضور شهود التعريف فيها لازما وضروريا فضلا على أن عدم حضورهم لا يترتب عليه أي بطلان) حسب نص المادة 45 من القانون رقم 05/10 المؤرخ في 26/06/2005 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم، وهو ما يتطلب تدخل الإدارة التشريعية لوضع ضوابط لها تفاديا لتعدد التفاسير والتأويلات.
3- العقود التصريحية:
وهي تلك العقود التي يقتصر فيها دور الموثق على تلقي التصريح من الأفراد ويحرر بشأنه عقد في قالب رسمي متى كان هذا التصريح غير مخالف للقانون ومن أهم العقود التصريحية نذكر: الفريضة، الإشهاد بكفالة وعقد الإيجار.
فالعقود التوثيقية تتعدد وتختلف ولا يمكن حصر مجالها بأي حال من الأحوال وإن كان التصنيف السابق ما هو عمل تنظيمي واجتهاد العمل التوثيقي وليس معيارا جامعا مانعا، وبالرجوع إلى نص المادة 600/ف11 جاءت بمصطلح العقود التوثيقية بإطلاقها كأصل عام كلها سندات تنفيذية ، وما التخصيص لنوع العقود الواردة في المادة600/ف11 على أن :"السندات التنفيذية هي العقود التوثيقية، لاسيما المتعلقة بالإيجارات التجارية والسكنية المحددة المدة، عقود القرض، العارية، الهبة، الوقف، البيع والرهن والوديعة"، هي إعادة التأكيد والتذكير لأكثر أنواع العقود انتشارا وتداولا في المجتمع فهذا التخصيص ورد في رأينا الخاص على سبيل المثال وليس الحصر لأنه تأكد بمصطلح" لاسيما" التي تفيد التخصيص لا الحصر.
ليبقى بهذا المفهوم الشامل أن كل العقود التوثيقية سندات تنفيذية، ولكن مثل هذا القول قد يؤدي إلى زعزعة الثقة في التعاملات المدنية والتجارية للأفراد، إذا ما كان كل عقد توثيقي قد يكون سند تنفيذي في أي من الأوقات بما يوجب الرجوع إلى القواعد العامة لتحديد نوع العقود التي تكون عقدا توثيقيا وسندا تنفيذيا، ويكون ذلك بتحديد طبيعة الحق الموضوعي وشروطه الأساسية الوارد في العقد التوثيقي ليكون جدير بالحماية التنفيذية.