موقف القضاء من شهر الدعاوى العقارية.. تعارض مع القواعد المتعلقة بإجراءات رفع الدعوى و شروط قبولها



انقسم موقف القضاء بشأن وجوب شهر الدعاوى العقارية إلى إتجاهين:

الإتجاه الأول:
يذهب إلى أن شهر الدعاوى العقارية يعد قيدا على رفع الدعاوى المتضمنة الطعن في صحة المحررات المشهرة بالتنصيص على ذلك في المادة 85 من المرسوم رقم 76/63. تحت طائلة عدم القبول. حيث جاءت فيها ما تقدم ذكره من نصها. فهذا الاتجاه تمسك بحرفية النص.

و هو ما ذهب إليه مجلس الدولة الغرفة الأولى في القرار رقم 203/024 المؤرخ في 12 - 06 - 2000: "...ففي الدعاوى العقارية والإدارية المتعلقة بعقار والرامية إلى إبطال العقود المشهرة بالمحافظة العقارية تشترط المادة 85 من المرسوم رقم 76/63 المؤرخ في 25-03-1976 المعـدل بالمرسوم 93/123 المـؤرخ فـي 19-05-1993 لقبول دعوى شهر العريضة الافتتاحية مسبقا لدى المحافظة العقارية المشهر لديها العقد و هو شرط لقبول الدعوى".

وهو أيضا نفس ما ذهبت إليه الغرفة الرابعة لمجلس الدولة أي موقف القضاء الإداري في القرار رقم 931/184 المؤرخ قي 27-03-2000، غير منشور: "حيث أنه بالرجوع إلى العريضة الإفتتاحية أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاة تلمسان ينضح أنه لم يتم إشهارها طبقا للمادة 85 من المرسوم 76/63. وبما أن القضية تتعلق بإبطال حقوق عينية عقارية ثابتة، بعقود مشهرة و عليه يتعين عدم قبول دعوى المستأنف شكلا".

الاتجاه الثاني:
شهر الدعاوى في المحافظة العقارية لا يعد قيدا على رفع الدعوى لأن المادة 85 من المرسوم رقم 76/63. تعارض مع القواعد المتعلقة بإجراءات رفع الدعوى و شروط قبولها، المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية، كذلك عدم شهر الدعوى في المحافظة العقارية لا يترتب عليه أي بطلان، إذ أن تطبيق المادتين 13 و14 من الأمر 75/74 المؤرخ في 12- 11- 1975 فقد أحال المشرع تطبيق هاتين المادتين على المرسوم.

 غير أن هذه الإحالة تتعلق فقط بالمسائل الفنية المتعلقة بكيفية إعداد البطاقات دون المسائل القانونية التي تبقى من اختصاص السلطة التشريعية.

فضلا على أن شهر الدعوى، إنما شرع لحماية رافعها، فهي حماية مقررة لصالحه، وصونا لحقوقه، كي يعلم الغير أن العقار محل نزاع أمام ساحة القضاء ولكنها ليست مفروضة عليه و بالتالي فعدم حصوله (عدم شهر العريضة الافتتاحية). لا يصح أن يعود بضرر عليه ولا بنفع على المدعى عليه.

وعليه فحسب هذا الاتجاه يجوز للمدعى أن يرفع دعوى يطالب فيها بإبطال أو إلغاء أو فسخ عقد منصب على عقار أو حقوق عينية عقارية بدون حاجة إلى أن يقوم بشهر دعواه في المحافظة العقارية. ولا يجوز للمدعى عليه أن يرفع دعوى يدفع فيها بعدم شهر الدعوى أو إشارة المحكمة لهذه المسألة من تلقاء ذاتها.

وبناءا على أحكام المادة 14/04 من الأمر المشار إليه أعلاه فقد صدر المرسوم المؤرخ في 25-03-1976 رقم 76/63 الذي نص في المادة 85 منه على عدم قبول الدعوى إذا لم يتم إشهارها في المحافظة العقارية.

إذ أن اشتراط إشهار العريضة قبل تسجيلها لدى كتابة ضبط المحكمة يعد قيد على رفع الدعوى قد استحدثه هذا المرسوم.

لكن المشرع قد نص على إجراءات رفع الدعوى و شروط قبولها أمام القضاء في قانون الإجراءات المدنية؛ و لم ينص على هذا القيد بالنسبة للدعاوى العينية العقارية ومن ثمة يوجد تعارض بين أجكام قانون الإجراءات المدنية و أحكام هذا المرسوم، و تبعا لذلك، فإنه إذا وقع التعارض بين التشريع العادي و التشريع الفرعي، هنا يطبق التشريع العادي.

و بالتالي إن قبول قضاة الموضوع للدعوى من دون أن يسبق شهر عريضتها في المحافظة العقارية - عريضتها الافتتاحية - لا يعد خرقا لأحكام القانون.

و هذا حسب القرار رقم 145 - 130. المؤرخ في 12 - 07 - 1995، غير منشور، بعدم شهر الدعوى أو إثارة المحكمة لهذه المسألة من تلقاء ذاتها.

وهو نفس ما ذهبت إليه الغرفة العقارية للمحكمة العليا في القرار رقم 184 .451 المؤرخ في 25 - 11 – 1998: (وأنه على إثر الاستئناف، فإن مجلس الشلف و بموجب قراره المؤرخ في 27-11-1996 ألغي الحكم المستأنف، و فصل من جديد و صرح بعدم قبول الدعوى طبقا للمادة 85 من المرسوم رقم 76/63.

حيث أن قضاة الاستئناف قد أثاروا تلقائيا هذا الدفع و صرحوا بعدم القبول، و لكن حيث أن للأطراف و حدهم الصفة لإثارة عدم القبول الناجم عن عدم الشهر المسبق المنصوص عليه بهدف حماية مصالح الخواص).


مواضيع قد تفيدك: