نشوء البنوك وتطورها.. تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات وتقدم التجارة بين الشعوب وظهور النقود كإحدى الوسائل الهامة في التبادل التجاري



ارتبط نشوء البنك وتطوره بتطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات,إذ أن أول شكل من أشكال البنوك ظهر في بلاد الرافدين عام 3500 ق. م .
 وتعتبر المبادئ التي وضعها حمورابي عام 1675 ق . م, في شريعته من أقدم النصوص المعروفة في التاريخ فيما يتعلق بتنظيم عمليات الإيداع والتسليف والفوائد والضمانات المرتبطة بها.
وبتقدم التجارة بين الشعوب وظهور النقود كإحدى الوسائل الهامة في التبادل التجاري, فقد بدأت ظاهرة إيداع الفائض منها. بالإضافة إلى الحلي والمعادن الثمينة كودائع مقابل حصول هؤلاء على عمولة نظير حراستها والمحافظة عليها . تعتبر هذه الظاهرة من أولى أشكال التعامل المصرفي في المجتمع حيث استمرت حقبة من الزمن حتى ظهرت في القرون الوسطى ظاهرة الصراف الذي يكسب دخله من مبادلات العملات بعضها ببعض بين رجال البحارة والتجارة الذين كانوا يترددون على موانئ أوروبا الجنوبية.
ومع تطور الزمن لاحظ رجال البنوك أن نسبة صغيرة من شهادات الإيداع تعود إليهم للمطالبة بتحويلها إلى نقود أو لتحويلها إلى الأشياء التي تماثلها, ومن ثم يتبقى لدى هذه البنوك مبالغ نقدية كبيرة خاملة , حيث رأى رجال البنوك إمكانية التصرف بها بإقراضها للغير , وبضمانات معينة, مقابل حصولهم على فائدة معينة . دون الإخلال بمبدأ الثقة بينهم وبين المودعين , طالما أنه في وضع يسمح له بالوفاء بطلبات المودعين , ويسمى الجزء من الأموال الذي لا يتم التصرف به بالاحتياطي النقدي , وهو يمثل نسبة معينة من الودائع التي يلتزم بها البنك إزاء عملائه حين طلبهم استرداد ودائعهم وفي هذه الحالة جمعت البنوك بين وظيفتين هما: قبول الودائع والإقراض معاً . ثم تطورت هذه الأعمال وظهرت أشكال أخرى عديدة من التعامل المصرفي, حتى وصل إلى ما نعرفه عنها اليوم من تطور ومكانة في الاقتصاد الوطني لجميع البلدان.
ويذكر المؤرخون أن أول بنك ظهر بشكله الحديث كان بمدينة البندقية عام 1557 م. وفي عام 1587 ظهر بنك آخر هو بنك ريالتو بمدينة البندقية ومنها انتشرت البنوك في بقية أوروبا ومنها بنك أمستردام في هولندا عام 1609, وبنك هامبورغ بألمانيا عام 1619 .  وبنك انجلترا عام 1694 , وبنك فرنسا الذي أسسه نابليون الأول عام 1800م.
وقد عرف العرب قبل الإسلام النشاط المصرفي حيث يشير المؤرخون أن المكيون قبيل الإسلام وصلوا إلى درجة عظيمة من التبادل التجاري وكان اعتماد الروم عظيما ً على هذا التبادل. وظهرت تخصصات في الإنتاج التبادلي مثل تبادل تمور البحرين مقابل الزيت والزبيب والخمور من الشام , وعرف المكيون آنذاك استثمار الأموال بطريقتين:
الأولى: وهي إعطاء المال مضاربة على حصته من الربح.
الثانية : هي الإقراض بالربا الذي كان شائعاً في الجاهلية بين العرب أنفسهم وبينهم وبين اليهود.
وجاء الإسلام فحرم الربا وأبقى ما عداه من التعاملات التجارية لكن أسباب التخلف التي حلت بالبلاد الإسلامية قد أدت إلى قطع كل صله بما كان قائماً ومعروفاً من أشكال التعامل المصرفي القديم وخضع الشرق للغرب المستيقظ من العصور الوسطى حتى فجره الجديد.
هذا وقد ساهم تنوع العمليات الاقتصادية والمبادلات التجارية في تنوع وتعدد العمليات المصرفية, مما استدعى تخصص البنوك في أنواع معينة من العمليات, فظهرت البنوك المتخصصة.


مواضيع قد تفيدك: