قبيلة آيت ياسين: الجذور والتاريخ والمجتمع
قبيلة آيت ياسين هي إحدى القبائل المغربية العريقة، وتنتشر في مناطق مختلفة، إلا أن شهرتها الكبرى وعمق جذورها التاريخية والاجتماعية تبرز بشكل خاص في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، حيث تُعد من القبائل الصحراوية ذات الإشعاع الديني والوطني.
الموقع الجغرافي والتواجد:
لا يقتصر وجود "آيت ياسين" على منطقة واحدة، بل تحمل عدة تجمعات سكنية في المغرب هذا الاسم. ومن أبرز مناطق تواجدها:
- الأقاليم الجنوبية (كلميم – سيدي إفني - الأخصاص): هذا هو التواجد الأبرز والمعروف للقبيلة كقبيلة صحراوية لها وزنها التاريخي والديني، وتتبع إداريًا لمناطق مثل اصبويا بإقليم سيدي إفني.
- إقليم الصويرة (جهة مراكش آسفي): يوجد دوار يحمل اسم "آيت ياسين" بجماعة سيدي كاوكي.
- إقليم تنغير (جهة درعة تافيلالت): يوجد دوار آخر يحمل نفس الاسم بجماعة سوق الخميس دادس.
ملاحظة هامة: عند الحديث عن "قبيلة أيت ياسين" ككيان قبلي له إشعاعه، فإن الإشارة غالباً ما تكون إلى قبيلة آيت ياسين الصحراوية في الأقاليم الجنوبية.
الأصول والتاريخ:
تُعتبر قبيلة آيت ياسين من القبائل التي لعبت أدواراً مهمة عبر التاريخ في المنطقة.
- الأصل: تُعرف القبيلة في الجنوب بـ"الشرفاء"، ولها ارتباطات بـ الزوايا الدينية و مراكز التعليم العتيق، مما يشير إلى أصلها المتصل بالجانب الروحي والعلمي.
- الدور التاريخي: اشتهرت آيت ياسين بدورها في نشر العلم و التحفيظ القرآني و تدريس العلوم الشرعية، وبذلك ساهمت في حفظ الهوية الدينية واللغوية للمنطقة. كما كان لأبنائها مواقف وطنية بارزة عبر التاريخ، خاصة ما يتعلق بالدفاع عن وحدة واستقرار البلاد.
الإشعاع الديني والاجتماعي:
تتمتع قبيلة آيت ياسين بإشعاع ديني وعلمي كبير، يتجسد في:
- المدرسة العتيقة "الرحمة" في أفركط بكلميم: تُعد هذه المدرسة من أبرز المعالم الدينية المرتبطة بالقبيلة، وهي من المراكز العلمية العتيقة التي حافظت على الدور التعليمي والتربوي، وتستقطب الطلبة حتى من البلدان الأفريقية، مما يساهم في تعزيز البعد الديني والروحي في إطار التعاون المغربي الأفريقي.
- صلة الرحم والملتقيات: يحرص أبناء القبيلة على تنظيم ملتقيات سنوية لصلة الرحم تجمع أبناءها من مختلف أنحاء المغرب وخارجه، لتجديد أواصر المحبة وتأكيد الولاء للعرش العلوي المجيد وقضايا الوطن، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة.
- المواسم والمهرجانات: تحتفل القبيلة بمواسمها وملتقياتها السنوية التي تتزامن غالباً مع الأعياد الوطنية، وتكون فرصة للتعبير عن التشبث بالتقاليد والتاريخ العريق للقبيلة.
التزام القبيلة بالقضايا الوطنية:
تُعرف قبيلة آيت ياسين بتشبثها القوي بالعرش العلوي والتزامها بالوحدة الوطنية. ويظهر هذا الالتزام من خلال:
- برقيات الولاء: يتم اختتام الملتقيات والاحتفالات بتلاوة برقيات الولاء المرفوعة للسدة العالية بالله.
- المواقف الوطنية: تعبر القبيلة عن مواقفها الواضحة تجاه قضايا المغرب، وقد أصدرت بيانات تستنكر فيها أي تطاول أو إساءة تمس القبائل الصحراوية ورموزها، مؤكدة على وحدة نسيج المجتمع الصحراوي والوطني.
- حضور الوفود الأفريقية: تشارك وفود من دول إفريقية جنوب الصحراء في فعاليات القبيلة، مما يؤكد على الإشعاع الدولي للقبيلة ودورها في تعزيز الروابط بين المغرب وعمقه الأفريقي، لا سيما في المجال الديني.
ملخص:
تُعد قبيلة آيت ياسين نموذجًا للقبائل المغربية التي جمعت بين العمق التاريخي، و الإشعاع الديني والعلمي (ممثلاً في المدارس العتيقة)، و الالتزام الوطني الثابت. ورغم وجود تجمعات تحمل نفس الاسم في الشمال، يبقى التركيز على آيت ياسين الصحراوية لما لها من ثقل في الأقاليم الجنوبية ودورها في ربط الماضي بالحاضر عبر أنشطتها الاجتماعية والدينية والوطنية.