من غرائب الحاج التهامي الأوبيري بقبيلة أحمر:
يُحكى أن الولي الصالح الحاج التهامي كان يتمتع بكراماتٍ وقدراتٍ روحيةٍ خارقة، تجلت في قصةٍ عجيبةٍ تُروى عن علاقته بالسلطان مولاي عبد الرحمان بن هشام. هذه القصة لا تُظهر فقط مكانة الولي الرفيعة، بل تُسلط الضوء أيضًا على طبيعة الصراع في تلك الفترة وكيف كانت القوى الروحية تتداخل مع القوى المادية.
الحصانة الروحية لزاوية الشرادي:
في ذلك الوقت، كان السلطان مولاي عبد الرحمان يسعى لإخضاع زاوية الشرادي، التي كانت تُعتبر مركزًا للقوة والنفوذ. لكنه واجه صعوبةً لم يسبق لها مثيل، فكل محاولاته العسكرية باءت بالفشل. كان سرّ هذه الحصانة يكمن في ظاهرةٍ غريبة: كلما أطلقت مدافع السلطان قذائفها نحو جدران الزاوية، كانت القذائف بمجرد ملامستها للجدران تتحول إلى ماء. هذه الظاهرة الخارقة أذهلت القوات العسكرية وأصابتها بالإحباط، فكان من المستحيل هدم الزاوية بقوة السلاح.
كانت هذه الحصانة تُفسر على أنها كرامةٌ إلهيةٌ أو حمايةٌ روحيةٌ من نوعٍ ما، تُعطى للزاوية وأهلها، مما يجعلها منيعةً ضد أي هجومٍ مادي. أمام هذا الموقف المستعصي، أدرك السلطان أن القوة العسكرية وحدها لن تجدي نفعًا، وأن المشكلة تكمن في قوةٍ تتجاوز عالم المادة.
لجوء السلطان إلى القوة الروحية:
بعد عجزه الكامل، قرر السلطان اللجوء إلى الحاج التهامي، الذي كان يُعرف بنفوذه الروحي العظيم وكراماته المدهشة. هذا القرار يعكس إيمان السلطان الراسخ بأن هناك قوةً روحيةً قادرةً على فك هذا اللغز المستعصي. لم يكن السلطان يطلب مساعدةً عسكريةً، بل كان يطلب تدخلًا روحيًا.
الكتاب الذي هدم الحصن:
تلبيةً لطلب السلطان، قام الحاج التهامي بعملٍ بسيطٍ ولكنه عميق المعنى. فقد كتب كتابًا وسلمه للسلطان. لم يكن هذا الكتاب مجرد رسالةٍ عاديةٍ، بل كان يُعتقد أنه يحمل بين طياته دعاءً أو سرًا روحيًا يمتلك القدرة على إبطال الحصانة الروحية لزاوية الشرادي.
عندما استلم السلطان الكتاب واستخدمه بالطريقة التي أشار إليها الولي، حدث ما كان مستحيلًا في السابق. فبفضل هذا الكتاب، هُزمت زاوية الشرادي وتمكن السلطان من هدمها. القصة تُلمح إلى أن الكتاب لم يكن مجرد أداة، بل كان هو القناة التي مرّت من خلالها قوة الحاج التهامي الروحية لتزيل الحصانة التي كانت تحمي الزاوية.
هذه القصة تُعبر عن مفهومٍ عميقٍ ساد في تلك الفترة، وهو أن الأولياء الصالحين لا يمتلكون فقط كراماتٍ شخصية، بل يمتلكون أيضًا القدرة على التأثير في الأحداث الكبرى وفي الصراعات السياسية والعسكرية، وأن قوتهم الروحية يمكن أن تتفوق على أي قوةٍ مادية.