قبيلة إد زولكان:
تمثل قبيلة إد زولكان الأمازيغية، المتوقع استقرارها ضمن نطاق جنوب المغرب (سوس/الأطلس الصغير)، نموذجاً لتعقيد التنظيم الاجتماعي القبلي. تتركز الهوية الأساسية لهذه القبيلة حول ثلاث فرق رئيسية متكاملة الأدوار: إدا بولحسن (المركز المرجعي)، وبويعلى (القوة التنظيمية أو الدفاعية)، وأكادير إيدران (التي تضم المخزن الجماعي والمركز الإداري). سيتناول هذا التحليل تفصيلياً هذه الهيكلة الثلاثية، مسلطاً الضوء على كيفية تفاعل هذه الفرق لضمان استمرار النظام الاجتماعي العرفي للقبيلة.
1. التسمية والنسب:
- "إد زولكان" (Id Zoulkan): تشير "إد" في الأمازيغية إلى "أهل" أو "أبناء"، مما يضعهم ضمن التجمعات القبلية الأمازيغية (الشلوح).
- الانتساب: يُفترض أنهم ينحدرون من إحدى الاتحادات القبلية الكبرى في جنوب المغرب، غالبًا مصمودة أو تفرعاتها التي استوطنت الأطلس الصغير أو سهل سوس.
2. الموقع الجغرافي المُرجّح:
- المنطقة: يرجح تواجدهم في إقليم تيزنيت أو إقليم سيدي إفني أو أكادير إدا وتنان (في محيط مدينة أكادير)، أو في سفوح جبال الأطلس الصغير المتاخمة لسهل سوس.
- الطبيعة: تتميز مناطقهم غالبًا بـ التضاريس الوعرة (الجبال والوديان) مما يساهم في الحفاظ على استقلاليتهم الثقافية والعزلة النسبية.
التقسيم القبلي المُفصّل (الفرق الثلاث):
يمثل هذا التقسيم الهيكل التنظيمي التقليدي للقبيلة (أو الفرقة الكبيرة)، حيث تكون كل فرقة بمثابة وحدة اجتماعية وإدارية متكاملة:
1. فرقة إدا بولحسن (Ida Bou Hassan):
- الأصل والجد: تُنسب على الأغلب إلى جدّ صالح أو شخصية تاريخية تحمل اسم "بولحسن". هذه التسميات غالبًا ما تشير إلى فرقة ذات طابع شرفي أو ديني، أو تشكل الفرقة المركزية التي يتواجد بها مقام الولي/الجد.
- المميزات الاقتصادية: قد تكون المنطقة الأكثر خصوبة، أو تضم أكبر تجمّع سكاني، مما يجعلها مركز الإنتاج الفلاحي أو الرعوي.
- الوظيفة الاجتماعية: تُعتبر غالبًا الفرقة المرجعية في القضايا الدينية والتحكيمية.
2. فرقة بويعلى (Bou Yaala):
- الوظيفة: غالباً ما تمثل هذه الفرقة الركن العسكري أو الدفاعي (أهل السلاح) في النظام القبلي التقليدي. في التقسيمات القبلية، يتم توزيع المهام بحيث تتكفل كل فرقة بجزء من حماية القبيلة.
- الموقع الجغرافي: قد تتواجد مناطقهم في المناطق الحدودية أو المرتفعات المطلة على مسالك العبور، لحماية مجال القبيلة من الغارات الخارجية.
- التنظيم: قد يكون لها تنظيم داخلي أكثر صرامة فيما يخص التجنيد وحفظ الأمن الداخلي.
3. فرقة أكادير إيدران (Agadir Idrane):
- دلالة الاسم: "أكادير" تعني الحصن/المخزن الجماعي. هذا يشير إلى أن هذه المنطقة تضم المخزن الجماعي للقبيلة بأكملها.
الأهمية التاريخية: الأكادير ليس مجرد مخزن للحبوب، بل هو مركز مالي وقانوني، حيث يتم فيه:
- حفظ وثائق القبيلة (الرسوم) وأعرافها (إزرفان).
- تخزين الذخيرة والأموال.
- اجتماع مجلس الجماعة (أنفلاس) لاتخاذ القرارات الهامة.
- الدور الإداري: قد يكون لهذه الفرقة الدور الإداري الأهم، لاستضافتها مكان اجتماع "الجماعة".
النظام الاجتماعي والسياسي التقليدي:
1. الحكم الذاتي (نظام الجماعة):
- تعتمد "إد زولكان" على نظام الاستقلال الذاتي المحلي التقليدي المعروف باسم "الجماعة" أو "آيت أربعين".
- آلية القرار: يُنتخب من كل فرقة (ادا بولحسن، بويعلى، أكادير إيدران) ممثلون (أنفلاس)، ويجتمع هؤلاء الممثلون في "الجماعة" لمناقشة كل ما يخص القبيلة (توزيع المياه، حل النزاعات، تنظيم مواسم الحصاد).
2. الأعراف والقانون (إزرفان):
- القانون السائد هو القانون العرفي الأمازيغي (إزرفان)، وهو مجموعة من القواعد المنظمة للزراعة، الرعي، الممتلكات، والجرائم.
- هذه الأعراف يتم تدوينها أو حفظها شفويًا، وتطبقها "الجماعة" بصرامة لضمان الأمن الاجتماعي داخل فرق إد زولكان الثلاثة.
التحديات الحديثة والمستقبل:
مع دخول العصر الحديث، واجهت قبيلة إد زولكان (كغيرها من القبائل) تحديات تشمل:
- الهجرة: هجرة الشباب إلى المدن الكبرى (أكادير، الدار البيضاء) أو الخارج بحثًا عن العمل، مما يضعف البنية الاجتماعية التقليدية.
- التأثير الإداري: تراجع دور "الجماعة" التقليدي لصالح الإدارة الحكومية الحديثة (القيادة والعمالات).
- التغير المناخي: التأثر بالجفاف ونقص الموارد المائية، مما يؤثر على النشاط الزراعي والرعوي الذي تعتمد عليه الفرق الثلاثة.