آيت عثمان (أيتوثمان): الجذع الأمازيغي لاتحادية تكنة ودوره في تاريخ الصحراء ووادي نون
تُعدّ قبائل آيت عثمان (وتُنطق أيضاً "أيتوثمان" أو "آيت عثمان") أحد الجذعين الرئيسيين المكونين لاتحادية تكنة القبلية العريقة في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية. يمثل هذا الجذع التاريخية والجغرافية الأصل الأمازيغي الصنهاجي داخل تكنة، ويتمتع بثقل كبير في منطقة واد نون والساحل الأطلسي.
الموقع الجغرافي والانتشار:
يستقر جذع آيت عثمان بشكل أساسي في المناطق الواقعة شرق واد نون وسفوح الأطلس الصغير الغربية. وتنتشر مجالاته في الأقاليم الحالية:
- كلميم: تعتبر المنطقة المحيطة بكلميم قاعدة هذه القبائل.
- تارودانت وتيزنيت: بعض مشيخاتهم وقبائلهم تمتد نحو الشمال في هذه الأقاليم.
يشكل هذا الجذع ما يُعرف بـ "تكنة الجبل" أو "تكنة الشرق"، في مقابل جذع "آيت الجمل" الذي يمثل تكنة الساحل.
الأصول والنسب التاريخي:
يرتبط أصل "آيت عثمان" تاريخياً بـ جذور أمازيغية صنهاجية جزولية، وقد أشار المؤرخون إلى نسبهم كما يلي:
- الجذور الصنهاجية: تُرجع الروايات التاريخية نسب "آيت عثمان" إلى صنهاجة جزولة التي كانت تستوطن المنطقة قبل فترة طويلة من الفتح الإسلامي وبعده.
- الجد المؤسس: ينسبون إلى جدهم الأعلى عثمان بن مندي الصنهاجي، الذي يُقال إنه كان عاملاً للسلطان يوسف بن تاشفين المرابطي على مدينة نول لمطة (أو واد نون)، مما يمنحهم عمقاً تاريخياً مرتبطاً بالدولة المرابطية القوية.
- الخلفية اللغوية والثقافية: يغلب على هذا الجذع في الأصل التحدث باللغة الأمازيغية (تشلحيت)، رغم أن التثاقف مع الجذع العربي (آيت الجمل) أدى إلى انتشار اللهجة الحسانية بشكل متفاوت بين فروعهم.
القبائل المكونة لجذع آيت عثمان:
ينقسم جذع آيت عثمان إلى عدة قبائل محاربة رئيسية، أبرزها:
- أزوافيط (الزفاطيون): تُعد من أكبر قبائل تكنة، وتنتشر في حوض واد نون، ومنها ينحدر فخذ الكوانة (لَكَان).
- آيت أحماد: قبيلة محاربة معروفة بقوتها ونفوذها، خاضت صراعات عديدة من أجل حماية أراضيها وممتلكاتها.
- إد براهيم: قبيلة ذات أهمية، وتتركز في مناطق مثل تاغجيجت، وكانت على تواصل دائم (بالصراع أو التحالف) مع القبائل المجاورة.
- آيت أوسا: قبيلة كبرى، ذات وزن ديني وسياسي، تستقر في منطقة أسا الزاك، وتمتلك نفوذاً كبيراً في الأقاليم الجنوبية.
- آيت ياسين وآيت النص: وهما قبيلتان أخريان تضمان عدداً من الأفخاذ المنضوية تحت هذا الجذع.
الدور السياسي والتاريخي:
لعب جذع آيت عثمان دوراً حاسماً في تاريخ المنطقة، خصوصاً في تفاعله مع السلطة المركزية ومع القبائل المجاورة:
- التحالفات القبلية: تشكل اتحادات تكنة (آيت عثمان وآيت الجمل) حلفاً قبلياً لضمان المصالح المشتركة وحماية طرق التجارة، إلا أن العلاقات بين القبائل الداخلية كانت تتسم بالحيطة والحذر وأحياناً الصراعات حول المراعي والممتلكات.
- علاقة المخزن (السلطة المركزية): كانت قبائل آيت عثمان، بحكم موقعها على طرق القوافل، ترتبط بعلاقات ولاء وبيعة بالمخزن، حيث كان المخزن يعتمد عليها في بسط نفوذه في أقصى الجنوب.
- قبائل محاربة: اشتهرت هذه القبائل بكونها قبائل محاربة، مما مكنها من الحفاظ على حدود مجالها وتحقيق هيبة ومكانة كبيرة ضمن القبائل الصحراوية الأخرى.
آيت عثمان في مناطق أخرى:
يجب التنويه إلى أن اسم "آيت عثمان" هو اسم شائع في مناطق أمازيغية أخرى في المغرب (بمعنى "أبناء عثمان")، ويوجد كـ:
- مشيخة آيت عثمان (تارودانت): في جماعة أسايس، إقليم تارودانت (جهة سوس ماسة).
- دواوير في الأطلس المتوسط والكبير: توجد دواوير بهذا الاسم في أقاليم مثل خنيفرة والرشيدية وزاكورة وأزيلال، وهي كيانات محلية منفصلة عن جذع آيت عثمان التكني.