تطور الإنفاق العام على قطاعي التربية والصحة.. الارتفاع الفاحش في أسعار الأدوات والكتب المدرسية في ظل التراجع الكبير لدخل الأسر

قبل التطرق للتطور الحاصل في هذه النفقات يجب الإشارة إلى أن خبراء صندوق النقد الدولي يقرون بأن البلدان المتخلفة التي اعتمدت برامج للتصحيح الهيكلي وجدت نفسها منجرة نحو الزيادة في الإنفاق على القطاعين المعنيين فهل ذلك ينطبق فعلا على حالة الجزائر؟

إن المعطيات الكمية المتاحة عن حالة الجزائر. و إن كانت تقر من ناحية الأرقام المطلقة وبالأسعار الجارية بصحة يلك الفرضية في قطاع التربية الوطنية، إلا أنها وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي يلاحظ أنه يؤخذ الاتجاه المعاكس، أي الانخفاض  فبالنسبة لميزانية التسيير للقطاع منسوبة إلي الناتج المحلي الإجمالي فقد انخفضت من 4.73 ٪ سنة 1994 إلى 4.02 ٪ سنة 1999 أي من 21.5 ٪ إلى 15.66 ٪ من ميزانية الدولة و لنفس الفترة.

وإن دل هذا على شيء إنما يدل على تراجع الأهمية النسبية لقطاع التربية الوطنية لصالح قطاعات أخرى أما ميزانية التجهيز لنفس القطاع طبعا فلم تكن أحسن من ذلك إذا انخفضت هي الأخرى و كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 0.70٪ سنة 1994، أي للسنة الأولى من اعتماد البرنامج، إلى 0.55٪ سنة 1999.

ومع اقتران تقلص النفقات العامة المخصصة لقطاع التربية بالارتفاع الفاحش في أسعار الأدوات و الكتب المدرسية في ظل التراجع الكبير لدخل الأسر الجزائرية قد أدى إلى آثار سلبية للغاية إلى حد أن بعض الأسر وخاصة في الأرياف حسب تحقيق للمركز الوطني للدراسات و التحليل الخاصة بالتخطيط CENEAP أصبح يفضل عدم تعليم أبنائهم نظرا لارتفاع تكاليف التمدرس.

أما النفقات العامة لقطاع الصحة العمومية فلم تكن هي الأخرى بأحسن من القطاع الأول حيث تبرز البيانات الإحصائية أنه ورغم تضاعف المبالغ المخصصة بالأسعار الجارية تقريبا خلال الفترة 93ـ2000 لميزانية التجهيز إلا أنها كنسبة من النفقات العامة لميزانية الدولة قد انخفضت من 5.5٪إلى 3.51٪ (18)، أي من 1.34٪ إلى 0.99٪ من الناتج المحلي الإجمالي مما أدى إلى تدهور كبير في الخدمات المقدمة من طرف هياكل هذا القطاع الضروري الذي يتعلق بحياة ووجود الشخص ذاته، حيث تؤكد بيانات رقمية أخرى مستقاة من تقرير المجلس الوطني الاقتصادي الاجتماعي هذا الاتجاه فنصيب الفرد الواحد من النفقات العامة لقطاع الصحة تراجع خلال الفترة 93ـ97 من 620 دج إلى 508 دج.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال