أسباب انقضاء الرهن الحيازي العقاري بصفة أصلية.. التنازل عن حق الرهن. اتحاد الذمة. هلاك العقار المرهون

لقد عدد المشرع الأسباب التي ينقضي بها الرهن الوارد على العقار بصفة مستقلة أي دون انقضاء الدين المضمون بالرهن الحيازي بنص المادة 965 من القانون المدني وحصرها في أسباب ثلاثة:

أولا- التنازل عن حق الرهن:

تنص المادة 965 من القانون المدني على أن حق الرهن ينقضي: "..إذا تنازل الدائن المرتهن عن هذا الحق..".

فللمرتهن التنازل عن رهنه فيكتفي بماله من حق شخصي تجاه مدينه و يزول الحق العيني و يبقى الالتزام الأصلي دون ضمان.

ويشترط في أهليته النزول عن الرهن الحيازي أهلية الإبراء وهذه الأهلية هي أهلية التبرع، لأن التنازل عن الرهن يعد بمثابة التنازل عن الدين نفسه لأنه قد يترتب على التنازل عن الرهن عدم استيفاء المرتهن حقه بما أن الضامن للالتزام الأصلي هو الرهن الحيازي العقاري فمعنى ذلك أنه من الممكن ألا يستوفي الدائن دينه إذا زال هذا الرهن.

وباستكمال الدائن المرتهن شروط أهلية الإبراء جاز له التصرف في الدين و على ذلك يجوز له التنازل صراحة أو ضمنا عن حقه في الرهن بإرادته المنفردة دون اشتراط حصول قبول الراهن.

هذا و إن كان التنازل الصريح لا يثير أي إشكال أما بالنسبة للتنازل الضمني فانه يستفاد من ظروف الحال تظهر فيها نية المرتهن في النزول عن الرهن, و قد أعطى المشرع مثالين قدر فيهما بيان الظرف الذي تم فيه التنازل إلا أنهما قرينتين قانونيتين بسيطتين يمكن إثبات عكسهما:

- الأولى: هو ما نصت عليه المادة 952 من القانون المدني و التي رتبت انقضاء الرهن على واقعة رجوع المرهون لحيازة الراهن.

- الثانية: ما نصت عليه المادة 965 القانون من المدني التي تقضي بجواز التنازل ضمنيا بتخلي الدائن باختياره عن الشيء المرهون أو من موافقته على التصرف فيه دون تحفظ.

و المشرع أقام من هاتين الواقعتين قرينة بسيطة على أن المرتهن ينوي النزول عن حقه في الرهن و عليه دحض هذه القرينة بإثبات عكسها.

ثانيا- اتحاد الذمة:

و يعتبر أيضا سببا من أسباب انقضاء الرهن بصفة أصلية و ذلك بذوبان المال المرهون في ذمة المرتهن وفقا لنص المادة 965 في فقرتها الثانية من القانون المدني التي تنص على أن الرهن ينقضي إذا اجتمع حق الرهن الحيازي مع حق الملكية في يد شخص واحد.

كما لو ورث الدائن المرتهن العقار المرهون أو أشتراه فينصهر العقار المرهون في مال المرتهن و بانتقال العقار المرهون إلى ملكية الدائن المرتهن ينقضي الرهن و يبقى المدين الراهن ملتزما بتنفيذ التزامه الأصلي في مواجهة الدائن.

و في حالة زوال سبب اتحاد الذمة بأثر رجعي كزوال ملكية المشتري لسبب من الأسباب كالفسخ أو البطلان يعود الرهن إلى صاحبه بمرتبته الأصلية دائنا مرتهنا لا مالكا دون إخلال بحقوق الغير حسن النية التي ترتبت في الفترة التي حدث فيها اتحاد الذمة طبقا للقواعد العامة.

ثالثا- هلاك العقار المرهون:

حسب نص المادة 965 من القانون المدني ينقضي الرهن بإنقضاء الحق المرهون على أن يكون الإنقضاء كليا لا جزئيا فإن كان جزئيا بقي الرهن على الجزء المتبقي تطبيقا لقاعدة عدم التجزئة في الرهن. و يقصد بالهلاك بمعناه المادي و كذا المعنوي كنزع الملكية للمنفعة العامة.

و كما سبق تبيانه قد يقع الهلاك بخطأ من الراهن فإذا دفع تأمين بسبب هذا الهلاك انتقل الرهن من العقار المرهون إلى مبلغ التأمين وفقا لقاعدة الحلول العيني.

أما التعويض الذي يقدمه الراهن المخطئ فانه بالرجوع إلى نص المادة 899 قانون مدني فهي تمنح للدائن المرتهن حق الاختيار بين تقديم المدين تأمينا كافيا أو يستوفي منه حقه فورا.

أما إذا وقع الهلاك بخطأ الدائن أو الغير فبطبيعة الحال أن من كان سببا في الهلاك يكون مسؤولا و يلزم بالتالي بالتعويض طبقا للقواعد العامة في المسؤولية فان تحقق التعويض انتقل الحق في الرهن إلى التعويض.

أما إذا وقع الهلاك بقوة قاهرة أو حادث فجائي, فهنا ينبغي التمييز بين حالة وقوع الهلاك تحت حيازة الراهن كأن لم يسلم الراهن العقار بعد أو تسلمه المرتهن ثم رد للراهن بعد تأجيره له في هذه الحالة تقع تبعة الهلاك على الراهن.

أما في حالة هلاك العقار المرهون تحت حيازة المرتهن ففي هذه الحالة و طبقا لتكييف طبيعة التزام المرتهن بالمحافظة بأنه التزام بغاية فبمجرد هلاك العقار المرهون بين يديه تقام قرينة على أنه مخطئ و لا يتخلص من هذه المسؤولية إلا بقطع علاقة السببية كأن يثبت أن الهلاك وقع بفعل القوة القاهرة مثلا.

ومتى تمكن من دفع المسؤولية تنقل تبعة الهلاك على مالكه. بينما يرى الأستاذ السنهوري أنه إذا كان السبب هو القوة القاهرة أو القضاء و القدر لم يكن أحد مسؤولا عن التعويض فلا يدفع التعويض. لكن هذا الرأي مردود عليه ذلك أنه بالرجوع لأحكام المادة 899/2 التي أحالت إليها المادة 954 في فقرتها الثانية من القانون المدني و التي تقضي بما يلي: "إذا نشأ الهلاك أو التلف عن سبب لا ينسب إلى الدائن ولم يقبل الدائن بقاء الدين بلا تأمين فللمدين الخيار بين أن يقدم تأمينا كافيا أو أن يوفي الدين فورا قبل حلول الأجل".

و قد عالج الأمر على ضوء القاعدة العامة التي تحكم تبعة الهلاك حيث يكون للدائن الخيار بين بقاء الدين بلا تأمين أو يستوفي الدين فورا قبل حلول الأجل. على أساس أن الهلاك يقع على المالك الذي لا يلزم في هذه الحالة بتقديم تعويض بل تقديم تأمين آخر أو الوفاء بالدين فورا و هو ما يقوم مقام التعويض.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال