إن جل الباحثين الذين اهتموا بظاهرة الزوايا، سواء منهم المغاربة أو الاجانب، يتفقون على أنه يجب البحث عن جذور ظاهرة الزوايا بالرجوع الى الحركة الصوفية التي دخلت المغرب ابتداءا من القرن الثاني عشر الميلادي، وانتعشت مع بروز ازمة السلطة التي حدثت في القرن السادس عشر بسقوط الوطاسيين، الشيء الذي أحدث تحولا مهما في التاريخ الديني لهذا المجتمع.
هذا التحول في المشهد الديني شهدته بلدة أسا التي تعتبر مدينة دينية بامتياز على صعيد منطقة سوس الأقصى، حيث يتواجد بها أزيد من 366 ولي من أولياء الله الصالحين.
كانت المدينة تحمل مجموعة من الأسماء، فمن خلال وثيقة تسمى سلسلة الأنوارالمؤرخة في جمادى 702 هجرية، لصاحبها محمد الأنجيتي البربوشي، الذي لا نعرف أي شيء عن حياته وعلاقته بالزاوية، فمن خلالها كان يطلق على زاوية أسا اسم "قرية الأولياء بجبال النحاس وهي بلاد إدا وقيس وهي للأغنان" وهي أسا الحالية.
ان الاساطير المرتبطة بهذه الأرض متعددة، ويعتبر بعضها ضريفا، منها ان جبل "أورير الأنبياء" الموجود بالمنطقة قد زاره الرسول صلى الله عليه وسلم وترك فرسه أثار رجليه على صخرة.
كما تقول الأسطورة أن أسا هي القبلة الثانية بعد مكة وهذا دليل على قداسة المنطقة، كما تشير بورقية رحمة الى أن ظاهرة الزوايا بالمغرب هي الوجه المؤسسي لظواهر القداسة.
إن ما يميز الزوايا بالمغرب، خاصة المناطق الجنوبية، أنها تبنى في مناطق وسيطة بين الجماعات البشرية، وهذه المناطق تكون عالية جغرافيا ومحصنة ومنيعة.
وزاوية أسا لا تستثنى من هذه الحالة حيث بنيت في منطقة ذات بعد استراتيجي بجوار القصر الذي يحيط به سور يلعب إلى جانب الزاوية عدة وظائف، كالوظيفة الدفاعية وذلك لتفادي خطر القبائل المجاورة مع مراقبته لأي تحرك قبلي يستهدف الاستيلاء على المنطقة.
إضافة إلى ذلك يشكل القصر مؤسسة اقتصادية لأفراد المنطقة فهو خزان للمنتوجات التي يتم الحصول عليها خلال فترات الجفاف والفيضانات أو خلال محاصرة القصر من لدن القبائل الأخرى.