الرصيف القاري (Continental Shelf):
يُعد الرصيف القاري المنطقة البحرية المتاخمة مباشرة لليابسة، وهو يمثل الامتداد الغارق لحافة القارة تحت سطح البحر أو المحيط. يتميز هذا القسم من قاع البحر أو المحيط بكونه ضحلًا نسبيًا ويشكل شريطًا يفصل بين اليابسة والقاع العميق (أو سهل الأعماق السحيقة).
1. الرف القاري (Continental Shelf): بيئة الغنى والإنتاج
يُعد الرف القاري منطقة محورية في علم المحيطات لعدة أسباب:
أ. التكوين الجيولوجي والرواسب:
- الأصل: يتكون الرف القاري غالبًا من صخور قارية (قشرة قارية) مغمورة، وقد تشكل في الأساس من الوديان الساحلية التي غمرتها المياه مع ارتفاع منسوب سطح البحر العالمي (الانغمار البحري).
- الرواسب: تغطي الرفوف القارية عادةً طبقات سميكة من الرواسب التي مصدرها اليابسة (الرواسب القارية المنقولة بواسطة الأنهار)، بالإضافة إلى بقايا الكائنات البحرية. وتتراكم هذه الرواسب ببطء، مما يوفر سجلاً جيولوجيًا لظروف المناخ الماضي ومستويات سطح البحر.
ب. الأهمية البيولوجية والإنتاجية العالية:
- الإنارة: نظرًا لضحالة المياه (غالبًا أقل من 200 متر)، يخترق ضوء الشمس قاع الرف القاري. وهذا يسمح بحدوث عملية التمثيل الضوئي بكفاءة عالية.
- الوفرة البيولوجية: نتيجة للإنارة والتدفق المستمر للمغذيات من الأنهار والتيارات البحرية، يُعد الرف القاري موطنًا لأغنى مصائد الأسماك في العالم. فهو يدعم شبكات غذائية معقدة تشمل العوالق النباتية، والقشريات، وأنواع لا حصر لها من الأسماك.
ج. الأهمية الاقتصادية: موارد الطاقة:
- النفط والغاز: تُعد الرواسب السميكة على الرف القاري بيئات مثالية لتشكل وتراكم المواد الهيدروكربونية. ونتيجة لذلك، فإن معظم احتياطيات النفط والغاز العالمية البحرية (Offshore) توجد تحت الرفوف القارية.
- المعادن: يمكن العثور على معادن مثل الرمال والمعادن الثقيلة في بعض مناطق الرف القاري.
2. المنحدر القاري (Continental Slope): بوابة الأعماق
بينما يمثل الرف القاري منطقة الاستقرار، يمثل المنحدر القاري منطقة التغير الديناميكي والعميق:
أ. الانحدار والتضاريس المعقدة:
- العمليات الجيولوجية: بسبب انحداره الشديد، يعتبر المنحدر القاري عرضة لعمليات التعرية ونقل الرواسب.
- الأخاديد والوديان: السمة التضاريسية الأكثر بروزًا هي الوديان البحرية الغائرة (Submarine Canyons). هذه الوديان الضخمة، التي غالبًا ما تكون بحجم وادي جراند كانيون في أمريكا، تبدأ عند حافة الرف القاري وتمتد نزولًا عبر المنحدر.
- تيارات العكارة: تُعتبر هذه الوديان قنوات لتوجيه تيارات العكارة، وهي تدفقات سريعة وكثيفة من الماء المحمل بالرواسب. تعمل هذه التيارات كـ "أنهار تحت الماء" تنحت المنحدر وتنقل كميات هائلة من المواد من الرف القاري إلى قاع المحيط العميق.
ب. الانتقال البيولوجي:
- الإضاءة والحرارة: مع زيادة العمق، يتناقص ضوء الشمس بسرعة، وتتغير درجات الحرارة والضغط بشكل كبير.
- الحياة في الأعماق: تبدأ الحياة على المنحدر القاري في الاعتماد على المواد العضوية التي تسقط من المياه السطحية (الثلج البحري). الكائنات الحية هنا غالبًا ما تكون متكيفة مع بيئة مظلمة وباردة وضغط مرتفع.
ج. ما بعد المنحدر: مرتفع الأعماق القاري (Continental Rise)
لتحقيق أقصى درجات التوسع، يجب ذكر المنطقة التي تلي المنحدر، وهي مرتفع الأعماق القاري (Continental Rise).
- التكوين: هذه المنطقة تقع عند قاعدة المنحدر، حيث يبدأ الانحدار في التباطؤ بشكل كبير. تتكون من تراكم الرواسب التي تم نقلها عبر المنحدر بواسطة تيارات العكارة، وتشكل مروحة رسوبية واسعة تمتد باتجاه السهل السحيق (Abyssal Plain).