التجمعات السكانية والعمران في افريقيا.. حل المشكلات والأزمات السكنية والاجتماعية في المدن الآخذة بالنمو السريع

تنسجم التجمعات السكانية ونماذج السكن الأصلية انسجاماً كبيراً مع كل من الأحوال البيئية ـ الطبيعية (المناخ ومواد البناء المتوافرة والموقع من المياه) ونماذج المعيشة وأنماطها، وكذلك العلاقات الاجتماعية ـ السياسية والمتطلبات الدفاعية والحماية، وتوفير الأرض المنتجة وغيرها من عوامل لها دورها في قيام التجمعات السكانية الأولى ونماذج المساكن وأشكالها ومخططاتها. ففي إفريقية الشمالية تنتشر البلدان والقرى والدساكر والمداشر (ج مدشر وهو تجمع بيوت فلاحين لا تزيد على 10ـ 15 بيتاً من دون مسجد أو سوق)، ويتجمع أغلبها قرب مصادر المياه. أما مساكنها فمتلاصقة مبنية من اللبن أو الطين أو الحجارة وذات سقف مستوٍ، وهي توفر السكن والحماية من الأحوال المناخية ومن الاعتداء والغزو. وتتحول في نطاق السافانا والغابات إلى مساكن دائرية ذات سقوف مخروطية من الأغصان والقصب والأعشاب، تعتمد المواد الأولية المتوافرة وتتفق مع الأوضاع المناخية المحلية. وتصبح التجمعات أكواخاً مبعثرة في الهضاب والغابات، مبنية من الأغصان والنباتات بأسلوب بدائي بسيط جداً. أو مغاور محفورة في الصخر، أو حفرة حولها سور من الأخشاب والقصب ذات سقف مغطى بالأغصان والتراب (التمبة في شرقي إفريقية).
إن التجمعات السكانية وأنواعها ومساكنها كثيرة على امتداد إفريقيا، ونسبة سكان الريف عالية (74%)، لكنه تجدر الإشارة إلى أن أساليب البناء والعمران الحديثة في التجمعات السكانية أخذت بالتسرب إلى المدن والبلدات والقرى في دول إفريقية كثيرة بدرجات متفاوتة ونسب مختلفة. وتبرز هذه الظاهرة وخاصة في المدن حيث أخذت مخططات عمران المدن الكبرى والمتوسطة التي يزيد عددها على 170 مدينة في القارة، تتبنى المفاهيم العصرية في تخطيط المدن. كذلك ظهرت فيها نماذج البناء والعمارة المستوردة أفكارها وتصاميمها من الدول الأوربية أو الأمريكية، ورافق ذلك دخول الإسمنت المسلح والحجارة ومواد البناء الأخرى في تشييد الأبنية الطابقية والعمارات الشاهقة، لحل المشكلات والأزمات السكنية والاجتماعية في المدن الآخذة بالنمو السريع. وتفتقر التجمعات السكانية في إفريقية إلى شتى أنواع الخدمات بنسب متباينة، منها مايعاني من نقص في المياه أو الإنارة أو الخدمات الصحية، وغيرها يعاني من سوء التغذية وانعدام الخدمات التعليمية والبلدية وغيرها. كذلك تعاني مدن كثيرة من أحياء البؤس والمخالفات السكنية على أطرافها، حيث تتدنى الشروط الضرورية للحياة إلى أقل من الحدود المسموح بها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال