أيت باعمران - مَهدُ الصمود والهوية الأمازيغية الأصيلة
قبائل أيت باعمران هي اتحادية قبلية أمازيغية (شلوح) تاريخية تقع في جنوب غرب المغرب، تحديداً حول مدينة سيدي إفني. تتكون هذه الاتحادية من ست قبائل رئيسية، وتتميز بتنوعها الثقافي واللغوي الذي يجمع بين متحدثي اللغة الأمازيغية (تشلحيت) والعربية الحسانية. اشتهرت أيت باعمران بـصمودها التاريخي ومقاومتها الشرسة ضد الاحتلال الإسباني للمنطقة، وتُعتبر معركتها الشهيرة، التي تُعرف بـ "حرب إفني"، جزءًا أساسيًا من الذاكرة الوطنية المغربية، حيث ساهمت بشكل حاسم في استرجاع إقليم سيدي إفني بشكل نهائي عام 1969. يعتمد اقتصاد القبائل تقليديًا على الرعي، زراعة الصبار والأركان، وحاليًا على الصيد البحري، مع الحفاظ على تنظيم اجتماعي يعتمد على التقاليد القبلية العريقة.
الموقع والتكوين القبلي:
تقع اتحادية قبائل أيت باعمران في منطقة سوس جنوب غرب المغرب، وتحديداً حول مدينة سيدي إفني، التي تُعتبر حاضرتها. يمتدّ مجالهم الجغرافي على الشريط الساحلي للمحيط الأطلسي وفي منطقة انتقالية نحو الصحراء.
التكوين القبلي:
تتكون اتحادية أيت باعمران من ست قبائل رئيسية، وتتباين أصولها بين أمازيغية (شلوح) وعربية (بني معقل)، مع سيادة اللغة تشلحيت (الأمازيغية السوسية) كلغة رئيسية، باستثناء قبيلة هصبوية/إسبويا التي يتحدث أغلب سكانها الحسانية (العربية الصحراوية):
- أيت بوبكر
- أيت يعزة/إيعزة
- أيت الخُمُس
- أيت عبد الله
- مستيتة (إمستيتن)
- هصبوية (إسبويا)
التاريخ والمقاومة:
لقبائل أيت باعمران تاريخ عريق يمتد لقرون، واشتهرت بشكل خاص بدورها المحوري في المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسباني للمنطقة.
- الوجود الإسباني: بدأ الاهتمام الإسباني بالمنطقة منذ القرن الخامس عشر، حيث حاولوا بناء قلعة "سانتا كروز دي مار بيكينا". وأصبح الاحتلال فعلياً في عام 1934 بموجب معاهدة تطوان (1860) واتفاقيات لاحقة، وتم تأسيس مدينة سيدي إفني كمقاطعة إسبانية.
- مقاومة جيش التحرير: بعد استقلال المغرب في عام 1956، ضغط المغرب لاسترجاع الأراضي المحتلة. كان لأبناء القبائل دور حاسم في حرب إفني أو حرب سيدي إفني (1957-1958)، حيث قام جيش التحرير بشن هجمات عنيفة بدعم من سكان أيت باعمران، مما أدى إلى تقليص السيطرة الإسبانية إلى حدود مدينة إفني فقط.
- الاسترجاع النهائي: تم استرجاع إقليم إفني بشكل نهائي ودمجه في التراب المغربي في 30 يونيو 1969. وتعتبر هذه القبائل رمزًا للمقاومة الذاتية في المغرب.
التنظيم الاجتماعي والاقتصادي:
يشبه التنظيم الاجتماعي لأيت باعمران مثيله لدى القبائل الأمازيغية الأخرى في الجنوب المغربي.
- التنظيم: كانت القبيلة تدار من قبل سلطة محلية تُعرف باسم الأمغار (الرئيس/القائد)، ويتم تعيينه من قِبل الجماعة (مجلس الأعيان)، التي كانت تمثل الهيئة السياسية للقبيلة.
- الاقتصاد: اعتمد السكان تاريخيًا على الزراعة البعلية ورعي الماعز والجمال على طول الساحل. تشتهر المنطقة بزراعة الأركان والصبار (التين الشوكي)، الذي يُعدّ محصولًا اقتصاديًا مهمًا. ويُعد الصيد البحري النشاط الاقتصادي الأبرز في مدينة سيدي إفني ومينائها.
- الموروث الثقافي: تتشارك القبائل في عاداتها وتقاليدها الأمازيغية (الشلحية)، ومن بينها أسواقها الأسبوعية (السوق أو السوقو) التي لا تزال تُقام كملتقيات تجارية واجتماعية مهمة.