مشكلة التكاثر السكاني.. الكثرة السكانية في نظر الغرب هي نوع من الظواهر الحضارية - الكثرة العددية والنوعية

بالنسبة للفكر الأوربي ونظرته لمشكلة التكاثر السكاني؛ أصبح واضحاً إذا أخضعنا هذه المشكلة  للواقع المعيش في كل العالم، ومن منظور مفكري الغرب أنفسهم، فمنذ القدم كان هناك مَنْ يعارض فكرة تحديد النَّسل ويقدم الحُجَج البينة في ذلك، وهذا ما يؤكِّد أنَّ مشكلة التكاثر السكاني ـ حتى من وجهة نظر الغربيين أنفسهم ـ أنَّ الإنسان وهو الذي يتسبَّب في هذه المشكلة، بوسائل علميَّة مختلفة، وبتدخله في هذه البيئة التي خلقها الله عَزَّ وجَلَّ وحدَّد موازنتها الحقيقية، فالإنسان هو الذي يتسبَّب في ظلم نفسه والآخرين، وكان الإنسان ظلوماً جهولاً.
وقد استبان الأمر في نظر الإسلام أنَّ مشكلة التكاثر السكاني مصطنعة من قِبَل الفكر الغربي، ولكنها محسومة من ناحية علمية، بل شجَّع الإسلام على التكاثر بصورة أوضح مما تصورته العصور الغربية القديمة، فالكثرة السكانية في نظر الغرب نفسه ـ قديماً وحديثاً ـ هي نوع من الظواهر الحضارية (الكثرة العددية والنوعية). وهم يعلمون هذا جيداً، ولكن لا يريدون ذلك لغيرهم، خاصة وأنَّ الدول النامية ـ معظمها مسلمة ـ وهي التي تحتفظ بخيراتها الطبيعية من بترول، ومعادن، ومياه، وسعة في الأراضي الزراعية، ولم يبق لها سوى التكاثر السكاني ـ كمّاً وكيفاً ـ والوعي الحضاري، الذي يمكنهم من استخراج هذه الخيرات. وهذا ما يخيف هؤلاء الأعداء، مما دعاهم لاصطناع الحيل، وتأجيج نيران العنف والمشاكل في الدول النامية، وفرض الهيمنة عليها.
فمشكلة التكاثر السكاني ـ في نظر الإسلام ـ واضحة وبيِّنة وطريقة حلها تنطلق من إزالة الفقر، ورفع حاجة الناس بالتنمية، وتوفير الأمن المادي والغذائي، والعناية بذلك على اعتبار أنَّ ذلك شرط ضروري مسبق لكي تتم عملية اختيار الإنسان بين الإنجاب أو عدمه بحرِّية تامة، وبصيرة متفتحة، ومسؤولية كاملة. وعلى كل مسلم تفهُّم ذلك جيداً، وتفهُّم معنى الحضارة، والتي يفهمها كثير من الشباب المسلم الآن بأنَّ الحضارة في الزواج المتأخِّر، بعد جمع مالٍ كافٍ يؤهله للصرف والبذخ، وبعد تكوين نفسه ـ كما يقولون ـ وربما يصل ذلك إلى ما بعد سن الأربعين، هذا إذا وُفِّق. وبعد ذلك يرى الكثير منهم أنَّ مفهوم الحضارة في الإنجاب بولدٍ واحد واثنين أو ثلاثة على الأكثر، وهذا مفهوم خاطئ للحضارة، حتى من وجهة نظر الغرب ناهيك عن وجهة النظر الإسلامية، التي تدعو إلى التكاثر السكاني، الذي فيه العزة والقوة والمنعة، وفيه المباهاة التي دعانا لها الرسول (ص).

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال