التدخل الاستعماري الفرنسي في المناطق الجنوبية المغربية.. التغلغل نحو الصحراء من الجزائر شرقا ومن السينغال جنوبا



تعود علاقات فرنسا بالمغرب إلى القرن السادس عشر، ففي سنة 1533 م أرسل فرانسوا الأول سفارة إلى السلطان احمد بن محمد،  وفي سنة 1559 عقد انطوان  دبوربون ملك  نافار ووالد هنري الرابع معاهدة مع السلطان السعدي المولى عبد الله، وعقدت معاهدة جديدة  سنة 1635 بين لويس الثالث عشر والسلطان المولى الوليد، وقبل مرور نصف قرن على ذلك عقد لويس الرابع عشر معاهدة أخرى مع المولى اسماعيل، وفي سنة 1807 استقبل نابليون رسولا خاصا من السلطان المولى  سليمان، وإذا فقد  كان تمة تبادل سياسي وتجاري نشيط  بين البلدين لقرون عديدة .
تعددت الاطماع حول المغرب، وكانت اكثرها ضراوة تلك التي كانت لدى فرنسا التي تحتل الجزائر، وهكذا  تعاقبت الغارات الفرنسية على التراب المغربي خلال الفترة الممتدة ما بين 1844 الى سنة 1870، فبعد ان سحقت حكومة "لويس فليب" جيوش السلطان عبد الرحمن في "معركة إيسلي" على يد "بيوجو" peugout وقصفت "طنجة" واحتلت مدينة "الصويرة"، وقامت بفرض "اتفاقية طنجة 10 سبتمبر1844 " التي التزم فيها السلطان بعدم مساندة الأمير عبد القادر ومعاهدة "لالة مغنية سنة 1845" التي رسمت الحدود بين البلدين، فكانت بنودها غامضة أكثر من أية معاهدة أخرى.
فقد اقتصر التحديد فيما بين "البحر وتانييت ساسي" على تعداد بعض الأماكن التي تفصل بين الدولتين، يقول البند الرابع من هذه المعاهدة "لا يمكن إقامة حدود ترابية في الصحراء بين البلدين نظرا لأن الأرض لا تحرث.." وهكذا تم تعداد القبائل التابعة لهذا البلد وذاك.
وقد طالب  السلطان المولى الحسن  فيما بعد بتعيين خط الحدود، لكن يظهر كما يقول هوسر Hauser أن الممثلين الفرنسيين تجاهلوا مقترحات تعيين الحدود سنة 1845 فقد كانت مصلحة فرنسا تقتضي المحافظة على الغموض القائم.
بعد وفاة وزير الحسن الأول "باحماد" انطلقت سياسة التغلغل نحو الصحراء من الجزائر شرقا ومن السينغال جنوبا.
وكان الغموض المحيط بخط الحدود المحدد سنة 1845 وتحركات قبائل الرحل والأحداث التي نجمت عنها، كلها ظروف ساعدت على ذلك، وقد استغل حاكم الجزائر العام مبرر الدخول  العابر الذي كان يقوم به محارب; القبائل الصحراوية ليحتل واحات كورارة وتوات التي كانت تحت سيادة السلطان.
عمدت فرنسا إلى نهج سياسة استعمارية متعددة  المحاور في محاولة  لربط ممتلكات إمبراطوريتها في افريقيا الغربية مع المناطق الشمالية، في كل من الجزائر وتونس.


مواضيع قد تفيدك: