الثمامة شمال الرياض: كشف تاريخي عن حضارة العصر الحجري الحديث وأهميتها في فهم الماضي الإنساني لمنطقة نجد

الثمامة: تاريخ حضارة العصر الحجري الحديث في شمال الرياض

تُعدّ منطقة الثمامة، الواقعة شمال مدينة الرياض، كنزًا أثريًا يكشف عن تاريخ حضاري عريق يعود إلى آلاف السنين. وقد كشفت عمليات المسح الأثري التي أُجريت في المنطقة عن دلائل قاطعة على وجود حضارة إنسانية متقدمة في العصور القديمة، وخاصة خلال فترة العصر الحجري الحديث.


الكشوفات الأثرية وتاريخ المنطقة:

أُجري أول مسح أثري شامل لمنطقة الثمامة في عام 1402هـ / 1982م، وهو المسح الذي أحدث نقلة نوعية في فهم التاريخ القديم للمنطقة. أسفرت هذه الدراسات عن استنتاجات مهمة:

  • حضارة العصر الحجري الحديث: أثبت المسح أن منطقة العارض (نجد) شهدت حضارة راقية ومتقدمة خلال العصر الحجري الحديث، الذي يعود تاريخه إلى حوالي 8000 سنة قبل الميلاد. هذه الحضارة لم تكن مجرد تجمعات بدائية، بل كانت تتمتع بنمط حياة مستقر.
  • مساكن ومستوطنات: انتشرت مساكن هذه الحضارة في مناطق استراتيجية، حيث استوطن البشر القدامى على ضفاف الأودية وسفوح التلال. هذا الاختيار لم يكن عشوائيًا، بل كان يدل على وعي بأهمية مصادر المياه وارتفاع الأماكن للحماية من الأخطار الطبيعية.

الأدوات الحجرية والصناعة البدائية:

لم تقتصر الكشوفات على بقايا المستوطنات فحسب، بل شملت أيضًا مجموعات كبيرة من الأدوات الحجرية التي تُقدم لمحة عن مهارة الإنسان القديم في التصنيع.

  • الأدوات الصوانية والحجرية: وُجدت كميات هائلة من الأدوات المصنوعة من الصوان وأنواع أخرى من الأحجار. تُظهر هذه الأدوات مهارة فائقة في فن التصنيع البدائي، حيث تم نحتها وتشكيلها بعناية لتخدم أغراضًا مختلفة في الحياة اليومية، مثل الصيد والزراعة والدفاع.
  • دلالة المهارة: تُشير دقة تصنيع هذه الأدوات إلى أن سكان الثمامة في تلك الفترة لم يكونوا مجرد جامعي ثمار أو صيادين عابرين، بل كانوا يتمتعون بمعرفة تقنية متقدمة مكنتهم من تكييف أدواتهم مع احتياجاتهم، وهو ما يُعتبر دليلًا على تطورهم الفكري والحضاري.

تُقدم هذه الأدلة الأثرية صورة متكاملة عن الثمامة كمنطقة تاريخية، كانت مهدًا لحضارة قديمة ازدهرت في قلب شبه الجزيرة العربية، وشاهدة على إرث حضاري عميق يمتد إلى ما قبل التاريخ.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال