إجراءات المحافظ العقاري عند اكتشاف العيوب الشكلية والموضوعية: الأسباب الجوهرية لرفض الإيداع (عدم التطابق، السهو، النقص) والآثار المترتبة على عدم ترتيب العقد

آلية فحص الوثائق العقارية وإجراء رفض الإيداع في نظام الشهر العقاري

يتولى المحافظ العقاري مهمة محورية في نظام الشهر العقاري، حيث يتلقى الوثائق والعقود المقدمة من الأطراف (أو محرريهم) بهدف إشهارها وتقييدها في السجلات العقارية الرسمية. قبل الشروع في أي إجراءات للإشهار، يقوم المحافظ بعملية فحص دقيقة وعادية لهذه الوثائق. تهدف هذه العملية إلى التحقق من سلامة الوثائق واكتمالها ومطابقتها للشروط القانونية المعمول بها.


1. أسباب وحالات رفض إيداع الوثائق العقارية:

في حال اكتشاف المحافظ العقاري لأي أخطاء، أو سهو، أو نقص، أو عدم تطابق بين البيانات المقدمة والمتطلبات القانونية، فإنه يترتب عليه اتخاذ إجراء قانوني حازم يتمثل في رفض الإيداع. هذا الرفض هو إجراء تنظيمي يضمن سلامة السجلات العقارية وحماية حقوق المتعاملين، وهو يُعمل به استناداً إلى الأحكام القانونية ذات الصلة، مثل المادة 100 من المرسوم 76/63 المشار إليه (في السياق التشريعي الأصلي).

تنقسم حالات رفض الإيداع إلى عدة فئات رئيسية، منها:

أ. القصور في إثبات الهوية والأهلية:

  • غياب أو خطأ في وثائق الهوية: عدم تقديم ما يثبت هوية الأطراف المتعاقدة بشكل قاطع.
  • الأخطاء الجوهرية في الهوية: وجود خطأ أو سهو في بيانات الهوية (كالاسم أو رقم التعريف) من شأنه أن يُغير أو يُلبس هوية الشخص، مما يعرض التقييد للطعن.
  • نقص التصديق على الأهلية: عدم وجود ما يُثبت صحة توقيعات الأطراف وأهليتهم القانونية للتصرف في العقار (كشهادة التصديق).

ب. النقص المتعلق بالوثائق العقارية الأساسية:

  • عدم إحضار الدفتر العقاري: في الحالات التي يتطلب فيها القانون تقديم الدفتر العقاري الخاص بالعقار محل التصرف، يكون عدم تقديمه سبباً للرفض.
  • غياب وثائق مهمة أخرى: عدم تقديم أي وثيقة أخرى تكون مُلزمة وضرورية لإتمام إجراءات الشهر القانونية (كالتراخيص أو الوثائق المثبتة لحق الملكية).

ج. الإخلال بالبيانات الجوهرية والإجراءات المالية:

  • عدم مطابقة تعيين العقار: وجود عدم تطابق بين وصف العقار في العقد والوصف المسجل في السجلات العقارية (التعيين غير المطابق).
  • القصور المالي والتسجيلي: عدم التصريح بالثمن الحقيقي للعقار أو عدم إتمام إجراء التسجيل (في السجل المالي أو الضريبي) قبل الإيداع.
  • عدم توفر الرصيد: عدم وجود الرصيد المالي الكافي والمستحق لتغطية الرسوم والمصاريف اللازمة لإتمام إجراء الإشهار والتقييد.

2. الآثار المترتبة على قرار رفض الإيداع:

إن أهم أثر يترتب على قرار المحافظ العقاري برفض الإيداع هو عدم ترتيب أي أثر قانوني للعقد في سجلات المحافظة.

  • وقف الإجراءات: المحافظ العقاري لا يباشر أي خطوة من خطوات الشهر العقاري (التقييد أو التسجيل).
  • عدم النفاذ: لا ينتج عن العقد أي تغيير في الحالة القانونية للعقار في السجلات الرسمية، أي أن العقد لا يدخل حيز النفاذ في مواجهة الغير (الاحتجاج به على الكافة).
  • استبعاد العقد: لا يتم وضع أو ترتيب العقد موضوع الرفض ضمن صف العقود الموجودة والمُسجلة في المحافظة العقارية، ويبقى كوثيقة غير معترف بها رسمياً في السجل العقاري إلى حين تصحيحها.


3. الإجراءات المتبعة بعد قرار الرفض (سبل العلاج والطعن):

عند تحقق حالة الرفض، يتبع المحافظ العقاري إجراءات واضحة تهدف إلى تمكين الأطراف من تصحيح الوضع:

  • إعادة الوثائق والتوضيح: يقوم المحافظ العقاري بتسليم العقود التي تم رفض إيداعها إلى مقدمها (عادة محرر العقد أو الموثق).
  • بيان الأسباب: الأهم من ذلك، يقوم المحافظ ببيان أسباب الرفض بشكل دقيق، مع تحديد موطن الخطأ أو السهو أو النقص في الوثائق.
  • المطالبة بالتصحيح: يُطالب المحرر أو الأطراف بتصحيح هذه الأخطاء أو استكمال النقص، حتى يمكن إعادة تقديمها وتنفيذ إجراء الشهر.

تجدر الإشارة إلى أن قرارات المحافظ العقاري القاضية برفض الإيداع ليست قرارات نهائية وغير قابلة للمراجعة. فهي قابلة للطعن أمام الجهات القضائية المختصة (المحاكم الإدارية أو حسب الاختصاص المحلي) وفقاً للإجراءات والأجل القانوني المعمول به في النظام التشريعي للدولة، مما يوفر ضمانة لحقوق الأطراف في حال الخلاف على صحة قرار الرفض.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال