وادي عريجة (وادي غار): تفاصيل جغرافية وهيدرولوجية مُعمَّقة
يُعد وادي عريجة، المعروف أيضاً باسم وادي غار، من أهم المعالم الجغرافية في منطقة جنوب الضفة الغربية، ويؤدي دوراً محورياً في منظومة الصرف المائي الإقليمية، نظراً لاتساع حوض تصريفه وطول مساره الحيوي.
المنشأ والخصائص الجيولوجية:
يبدأ الوادي نشأته في قلب التكوينات الجبلية العالية لـ جبال الخليل. تعتبر هذه المنطقة بمثابة خزان طبيعي للمياه، حيث تتلقى كميات معتبرة من الأمطار الشتوية، وتتميز بتركيبها الجيولوجي الذي يغلب عليه الصخر الجيري والدولوميتي. هذا التركيب يساهم في:
- تغذية المياه الجوفية: يسمح النفاذية النسبية لهذه الصخور بتسرب جزء من مياه الوادي لتغذية الخزانات الجوفية، والتي بدورها ترفد بعض الينابيع على طول مجرى الوادي.
- عمق الوادي: ساهمت عمليات النحت والتعرية المستمرة، التي بدأت منذ فترات جيولوجية طويلة، في تشكيل مجرى وادي عميق ومتعرج، خاصةً في الأجزاء القريبة من منبعه.
المسار والتوجُّه الجغرافي:
يتخذ الوادي مساراً محدداً وهاماً يمتد باتجاه شمالي شرقي - جنوبي غربي. هذا التوجُّه ليس عشوائياً، بل يتبع الانحدار العام للتضاريس الإقليمية ويخترق الطبقات الجيولوجية:
- الرحلة نحو البحر الميت: يهدف هذا المسار الطويل إلى الوصول إلى الوجهة النهائية وهي البحر الميت. تتسم المنطقة التي يمر بها الوادي بانحدار شديد ومفاجئ عند اقترابه من المصب، ما يجعله وادياً ذا قدرة تعرية عالية وسرعة جريان كبيرة في فترات الفيضان.
- تشكيل الأغوار: يساهم الوادي في تشكيل جزء من تضاريس الأغوار الغربية، حيث يخلق على جانبيه ضفافاً ومنحدرات قد تكون صالحة لبعض أنواع الزراعة أو تشكل مسكناً للحيوانات البرية.
الحوض الهيدرولوجي ونطاق التصريف:
إن مقياس أهمية أي وادٍ يُقاس بحجم حوض تصريفه، ولهذا يبرز وادي عريجة بأهمية خاصة.
- اتساع الحوض: تبلغ مساحة حوض تصريف الوادي الإجمالية ما يقارب 227.2 كيلومتر مربع. تشمل هذه المساحة كافة الأراضي التي تتلقى الأمطار ويتم توجيه مياهها نحو المجرى الرئيسي لوادي عريجة. يعكس هذا الاتساع قدرة الوادي على جمع كميات كبيرة من مياه الأمطار، ما يستوجب مراقبة مستويات الجريان فيه خلال مواسم الأمطار الغزيرة لتجنب مخاطر السيول والفيضانات.
- إدارة الموارد المائية: تعتبر إدارة هذا الحوض ضرورية للحفاظ على الموارد المائية، سواء السطحية التي تجري نحو البحر الميت، أو الجوفية التي تغذيها الأمطار المتسربة عبر مجرى الوادي وشقوقه.
الأودية المحيطة والتداخلات الهيدروليكية:
لا يعمل وادي عريجة بمعزل عن محيطه، بل هو جزء من شبكة تصريف أكبر:
- الأودية الأربعة الشمالية: يشير النص إلى وجود أربعة أودية صغيرة تقع جغرافياً إلى الشمال من وادي عريجة. من المحتمل أن تكون هذه الأودية إما روافد فرعية تصب في وادي عريجة وتزيد من طاقته المائية، أو أنها أودية موازية ومستقلة، ولكنها تتقاسم نفس الظروف المناخية والجيولوجية مع حوض وادي عريجة، مما يجعلها متأثرة بنفس نمط الأمطار والجريان.
- الشبكة الهيدروغرافية: يعزز وجود هذه الأودية الصغيرة فكرة أن المنطقة تتميز بشبكة هيدروغرافية كثيفة، تتألف من مجارٍ مائية متعددة تعمل على تصريف المياه من جبال الخليل باتجاه منخفض البحر الميت.