المسيرة الشائكة للجمهورية الإسلامية الموريتانية: من المقاومة الشرسة ضد الاستعمار إلى الانقلابات المتتالية والتحول نحو التعددية الديمقراطية (1902-2007)

التاريخ الحديث للجمهورية الإسلامية الموريتانية: من المقاومة إلى التعددية

يمثل تاريخ موريتانيا الحديث سلسلة من التحولات الكبرى، بدءاً من مرحلة المقاومة الشرسة ضد الاستعمار الفرنسي، مروراً بتحقيق الاستقلال، وصولاً إلى فترات عدم الاستقرار السياسي والتحول الديمقراطي.


أولا: عصر المقاومة والوجود الفرنسي (1902 - 1960)

تبدأ القصة الحديثة لموريتانيا مع مطلع القرن العشرين، حيث مثلت مرحلة صراع عنيد من أجل الحفاظ على الهوية والاستقلال.

  • 1902: بداية الاختراق الاستعماري: بدأ دخول القوات الفرنسية إلى الأراضي الموريتانية كقوة استعمارية مع بداية القرن العشرين. لم يكن هذا الدخول سهلاً، بل قوبل بمقاومة وطنية منظمة وشديدة من مختلف القبائل الموريتانية التي رفضت السيطرة الأجنبية.
  • معارك حاسمة ورموز المقاومة: شهدت هذه الفترة عدداً من المعارك التاريخية التي أثبتت بسالة المقاومة، منها:

  1. معركة رأس الفيل: التي أسفرت عن مقتل أمير تكانت.
  2. معركة تجكجة: حيث قُتل قائد الحملة الفرنسية، كزافيي كبولاني، مما وجه ضربة قاسية للمخططات الفرنسية.
  3. معركتا أم التونسي والنييملان وغيرهما من المواجهات.

  • أبرز قادة المقاومة الوطنية: برزت أسماء وطنية قادت المقاومة المسلحة، كان لهم بالغ الأثر في تأخير وإضعاف المد الاستعماري، ومن أشهرهم:

  1. الشيخ ماء العينين: رمز المقاومة الدينية والجهادية.
  2. بكار ولد سويد أحمد.
  3. محمد المختار ولد الحامد.
  4. الحاج عمر الفوتي.
  5. أحمد ولد الديد.

  • 1920: تثبيت السيطرة الاستعمارية: بعد عقدين من المقاومة، تمكنت فرنسا من تثبيت سيطرتها، وأُعلنت موريتانيا رسميًا كـ مستعمرة فرنسية.
  • 1946: التحول الإداري: في أعقاب الحرب العالمية الثانية، شهدت المستعمرة تحولاً إدارياً لتصبح إقليماً تابعاً لفرنسا تحت مسمى "إقليم ما وراء البحار"، في خطوة لتخفيف الضغط الدولي ومنح بعض الصلاحيات الشكلية.

ثانيا: الحكم الذاتي والاستقلال (1956 - 1973)

  • 1956: الحكم الذاتي الداخلي: حصلت البلاد على الحكم الذاتي الداخلي، وهو خطوة مهمة نحو الاستقلال الكامل، أتاحت للموريتانيين إدارة شؤونهم الداخلية.
  • 1957: نشأة العاصمة: تم إعلان نواكشوط كعاصمة للبلاد في العام التالي للحكم الذاتي، مما وضع اللبنة الإدارية للدولة المستقلة.
  • 1958: الإعلان عن الكيان السياسي: تم الإعلان عن قيام الجمهورية الإسلامية الموريتانية، مؤكدة على هوية الدولة الوليدة.
  • 28 نوفمبر 1960: إعلان الاستقلال: هو التاريخ المفصلي الذي شهد إعلان الاستقلال الكامل عن فرنسا، وبدأت موريتانيا مسيرتها كدولة ذات سيادة.
  • 1961: الانضمام الدولي: عقب الاستقلال، سارعت موريتانيا لترسيخ مكانتها الدولية بانضمامها إلى منظمة الأمم المتحدة.
  • 1973: الانتماء الإقليمي: عززت موريتانيا انتماءها الحضاري والإقليمي بالانضمام إلى جامعة الدول العربية.


ثالثا: فترة الصراعات وعدم الاستقرار (1976 - 2005)

شهدت هذه المرحلة تحديات إقليمية وداخلية كبرى أثرت على المسار السياسي للبلاد.

  • 1976: النزاع في الصحراء الغربية: عقب اتفاقيات مدريد، تحصلت موريتانيا على جزء من إقليم الصحراء الغربية. أدى هذا الإجراء إلى رد فعل من جبهة البوليساريو التي شنت حرب عصابات استهدفت ضرب المدنيين والمصالح الاقتصادية الموريتانية، مما أرهق الدولة الفتية.
  • 1978 - 1984: الانقلابات العسكرية: أدت هذه الصراعات الإقليمية، بالإضافة إلى التوترات الداخلية، إلى فترة من عدم الاستقرار السياسي الحاد، حيث شهدت البلاد تتالية للانقلابات العسكرية التي عطلت الحياة الدستورية.
  • 1979: الانسحاب من الصحراء: نتيجة للضغوط العسكرية والاقتصادية، انسحبت موريتانيا من الجزء الذي كانت تسيطر عليه في الصحراء الغربية.
  • 1984 - 2005: حكم العقيد ولد الطايع: في عام 1984، استولى العقيد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، رئيس أركان الجيش، على السلطة. وقد شهدت فترة حكمه تحولات:
  1. تم انتخابه رئيساً لموريتانيا في عام 1992، ثم أُعيد انتخابه في عام 1997.
  2. 1989: توتر العلاقات مع السنغال: بلغت العلاقات ذروة التوتر، ووقعت حوادث متبادلة أدت إلى طرد كل من البلدين لجالية البلد الآخر، فيما عُرف بـ "أحداث 1989".
  3. 1991: التحول الدستوري: وضع دستور جديد نص على نظام التعددية الحزبية، مما سمح بظهور أحزاب معارضة ودخولها للمجلس الوطني في انتخابات عام 2001.
  • 2005: انقلاب العقيد اعلي ولد محمد فال: شهد هذا العام انقلاباً مفاجئاً قاده العقيد اعلي ولد محمد فال، مدير الأمن الوطني، الذي كان Ironically هو من أحبط محاولات الانقلاب السابقة على سلفه ولد الطايع. كان هدف الانقلاب المعلن هو التحضير لعودة الحياة الديمقراطية.

رابعا: عودة المسار الديمقراطي (2007)

  • 2007: أول انتخابات ديمقراطية: أُجريت أول انتخابات رئاسية ديمقراطية تنافسية في تاريخ موريتانيا.

  1. أفضت الانتخابات إلى انتخاب سيدي ولد الشيخ عبد الله رئيساً للجمهورية.
  2. كان هذا الحدث نقطة تحول كبرى، حيث أصبح أول رئيس مدني لموريتانيا بعد أكثر من ثلاثة عقود من الحكم العسكري.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال