سياسة ملوك الفونج.. الالتزام بآداب الإسلام والاهتمام بالتقاليد وامتداد حركة البعث الإسلامي إلى بلاد الجوار الإفريقية في إثيوبيا

حرص ملوك الفونج على الالتزام بآداب الإسلام، وكان الملك قائماً على أساس تحلي الملوك بالخلق الإسلامي الفاضل، وحث رعاياهم على الصلاة ووقف حركة البيع والشراء في الأسواق وإغلاق المتاجر في أوقات الصلاة ، وكان من عادة الملك أن يجوب مملكته متفقداً أحوال الناس باستمرار حتى لا يفقد حاسة الاتصال الميداني بالناس والتعرف على قضاياهم  ومشاكل مملكته.
كذلك لم يستطع الفونج أن يهملوا التقاليد التيّ ورثوها في نظم الحكم ومظاهر الحياة إلاّ أنّ سيادة أثر الثقافة الإسلامية الخالصة في جوهرها ومظهرها قد أدت إلى قيام حركة البعث الإسلامي في السودان وبهذا استرد الفرد ذاتيته وكيانه في المجتمع كما شعر بحريته بتخلصه من القهر والتسلط الذي مارسه الأقدمون من الحكام وزالت الفوارق وصار يتعامل مع حكامه بموضوعية عملاً بما كفله الإسلام له وازدهرت المملكة على عهد حكامها الأقوياء أمثال الشيخ عجيب المانجلك ابن الشيخ عبدالله جماع الذي كان حريصاً على نشر العلم فقد أنشأ ثلاثة رواقات لإيواء الطلاب في مراكز العلم في مكة والمدينة واهتم بجانب القضاء. وأصبحت سنار مركزً علمياً شامخاً تطلعت إلى مناطق السودان في الشرق والغرب.
كما امتدت حركة البعث الإسلامي إلى بلاد الجوار الإفريقية في إثيوبيا حيث اشتعلت حركة الجهاد في هرر بقيادة أحمد إبراهيم الحران (1524-1542م) وكان لها الفضل في تحرير أجزاء كبيرة من مملكة الحبشة ووصلت جيوشه إلى غندار وشارفت الحدود السودانية حتى تخوم مدينة كسلا.
ونستطيع القول أن أهم ما يميز هذه الحقبة الاستقرار والأمن واستتباب الحكم الذي أدى إلى انتشار الثقافة الإسلامية وقيام المساجد ودور العلم التي تحلق حولها الطلاب واستزادوا من العلم وشدوا الرحال إلى العلماء في أرجاء البلاد . وبذلك زاد الاهتمام بتحفيظ القرآن والعلوم الإسلامية في المساجد والخلاوى وكانت الخلوة (والمَسِيدْ)(*) هي الوحدة التعليمية والثقافية باعتبارها رمزاً تعليمياً وتربوياً إسلامياً , وهي المراكز التي تجمع حولها السكان وبمرور الزمن تطورت إلى مستوطنات بشرية قامت حولها المدن التي كان لها دور فاعل في نشر الثقافة الإسلامية ، ومن أشهر المدن العلمية والتربوية  التي نشأت حولها المراكز.

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ وريقات 2015 ©