ثورة الشيخ سيلابا على طائفة تيدو.. استباب الأمن في شالوم وسين وعمله لتوفير الكرامة لشعبه ودوره في ترسيخ قواعد العدالة في المنطقة

كانت ثورة الشيخ "سيلابا " ـ [CHEIKHSYLLABA ] بإقليم كازا منسا، التي تعود أسبابها إلى أن "بينونك" BAINOUNKـ وهي صاحبة السلطة في تلك البلاد ـ كانت تحول بين "سيلا " وتلامذته وأفراد الطائفة الإسلامية كافة في المنطقة وبين ممارسة شعائر الإسلام. وكان يأتي بعض أفراد "بينونك" وقت الإفطار في شهر رمضان فيصبون الخمور على موائد المسلمين، وأمام تعنت وتمادي هذه الجماعة الطائشة اضطر الشيخ "سيلاط لمنازلتها وإعلان الجهاد المقدس ضدها، فانتصر عليها ومزقها شر ممزق، وكانت تلك الانتفاضة سببًا لانتصار الإسلام وانتشاره بجنوبي السنغال.
وحتى الإدارة الفرنسية الأجنبية كانت قد شجبت قساوة نظام "تيدو"، وامتدحت جهود الشيخ "مابا جاخو"، الذي كانت تعتبره ألد أعدائها، وذلك لدور هذا الشيخ في استباب الأمن في "شالوم وسين "، وعمله لتوفير الكرامة لشعبه، ودوره في ترسيخ قواعد العدالة في المنطقة التي كانت تحت نفوذه (أعتقد أن الثورة الماضية باسم الحضارة الإسلامية ضد ا لطغيان الأعمى ووحشية "تيدو" ستكون مقبولة لدى شعب "ولوف" الخاضع للحيف وهذا الكلام صادر من أحد أقطاب الاستعمار الفرنسي في السنغال؛ الذي لم ير بدّا من تعرية نظام "تيدو " الغاشم.
ويشير بعض المؤرخين إلى أن الأمير "لاتجور" LATDIOR لم يخذله قائده العسكري "دمبا وارسال DEMBA WAR SALL إلاّ عندما حرم عليه وعلى أتباعه النهب والغصب والسطوة على أموال "بادولو ".
ومن نافلة القول: الإلحاح على التدليل بأن المسلمين لم يحملوا السلاح لفرض دينهم على غيرهم بغربي أفريقيا، وإنما انجذب إلى الإسلام أناس نالوا من حيف وجور سلطة لا تدين  بدين ولا تحترم عهدًا ولا ترضخ  لسلطان قانون…
وكفى برهانًا على ما نقول؛ مراجعة الأوضاع السائدة في مختلف أقاليم السنغال، وخصوصًا  في فوتا في القرن الثامن عشر قبل حركة الشيخ سليمان بال، حيث نجد أن الظلم قد طفح والاستبداد بلغ كل مبلغ، ولم يصبح هناك مندوحة سوى الاحتكام إلى حد السيف، ومما جعل الأمر يستفحل في فوتا أن حكامها (ساتيك ) [SATIK ] وهنوا واستكانوا إلى حد التنازل عن بعض سيادة البلاد لصالح جيرانهم من ترارزة (11)، والتآمر معهم ضد رعاياهم الذين أصبحوا عرضة للاختطاف والبيع في أسواق النخاسة(12).
ولما قويت شوكة (تور ودو ) [TORODO ] (13) واستتب الأمر للمسلمين في فوتا، وقامت دعائم الإمام "ألماميا"، لم يفرض النظام الجديد عقيدة الإسلام على أحد، بل انصب اهتمامه على تعمير البلاد وتصعيد الدعوة إلى العقيدة الإسلامية، وتشييد المؤسسات الدينية، والسهر على مصالح رعاياه، وحمايتهم من تعسف الطغاة والظالمين، وتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية على الحياة العامة.
حدثت عدة انتفاضات إسلامية في مناطق مختلفة من السنغال خلال القرنينك الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين ضد استبداد "تيدو".
ففي جنوبي  السنغال قامت حركة إسلامية كبيرة باسم "كاندايا" KANDAYA وخصوصًا بمنطقة "باكاو" PAKAO، وكانت رد فعل لظلم وتعسف "سونينكي" SONINKE وكان القبطان "بوللتيه " [PELLETIE ] قد عايش جانبًا من تلك الحركة سنة 1843م فكتب عنها يقول: "لم يصبح لـ (سونينكي) قيمة اليوم، حيث قتل المسلمون منهم قسمًا كبيرًا، والقليل الباقي منهم قَبِلَ بسيطرتهم، ولم يعد ملك (بوتيه BOUTHIE ) ذا وزن، شأنه شأن (سوناباSOUNABA) زعم (سندنير SANDINIER) الذي أعلن إسلامه ".
ومما يؤسف له حقًّا أن نرى بعض المثقفين السنغاليين لم يكلفوا أنفسهم عناء دراسة وتدبر طبيعة النزاعات المسلحة التي دارت رحاها بين الطائفة الإسلامية وطغمة "تيدو"، ففاتهم إمعان النظر في ملابسات تلك الحقبة الخطيرة من تاريخنا(16)، فانزلقوا يصفون حروب المسلمين الدفاعية بعدم الشرعية؛ متأثرين بالنزعات الاستعمارية المعادية للإسلام التي كانت تبث السموم لتثبيط همم أبناء الإسلام حتى لا ينهضوا للدفاع عن حوزة دينهم، وفضلاً عن ذلك فقد قام الاستعمار بمحاربة حركات المقاومة الإسلامية الهادفة، وشجب مواقف قادتها البطولية، وقذف أعمالهم بكل أنواع القدح والقذع، وشوّه سيرة كل زعيم مسلم عارض مشاريع الاستعمار والاستغلال، فاتهم بعضهم بالاستبداد، وبعضهم الآخر بالقسوة واستغلال الإسلام لأغراض شخصية… ومن هنا وقع الأستاذ "شيخ توري "، رئيس الاتحاد الثقافي سابقًا في حبائل الدعاية الاستعمارية حينما صرح أمام مؤتمر عقد في مدينة "أبيدجان " في إبريل  سنة 1962م قائلاً:  "إن كل الحروب التي حدثت في أفريقيا منذ وصول الإسلام حتى الآن مستنكرة وقابلة للانتقاد ".
هذه النسب بخصوص تكاثف الجماعات في السنغال تقريبية؛ إذ لا تعتمد على إحصاءات رسمية، وإنما اعتمدنا فيها على تقديرات عامة وملاحظة كثافة وجود جماعة من تلك الجماعات في منطقة ما فقدرنا نسبة عدد أفرادها بالقياس إلى الجماعات الأخرى.

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ وريقات 2015 ©