النشاط الاقتصادي للدار البيضاء خلال الاستعمار الفرنسي.. تأسيس أكبر ميناء في المغرب لتصدير المواد الأولية واستيراد فائض الإنتاج الصناعي الفرنسي



إن اختيار الدار البيضاء لاحتضان أكبر ميناء في المغرب لم يكن وليد الصدفة ولكنه ارتبط بعدة دوافع منها موقع المدينة في قلب المناطق الفلاحية الغنية (الشاوية ودكالة) وفي مكان يسهل إقامة الشبكة الطرق والسكك الحديدية لنقل الحبوب والحوامض، وكذا الفوسفات من مناجم خريبكة التي شرع في استغلالها مع بداية العشرينيات من القرن السابق.

وهكذا أصبحت الدار البيضاء هي الحلقة الواصلة بين المتروبول (فرنسا) والمغرب فعبرها كانت تصدر المواد الأولية ويصل فائض الإنتاج الصناعي الفرنسي ليوزع في المغرب.

وهذا ما جعل النشاط الاقتصادي للمدينة يتطور في اتجاه إفادة شركات السمسرة والمبادلات، وشركات إقامة البنيات التحتية من طرق وسكك حديدية وشركات للنقل والخدمات.

أما النشاط الصناعي فكان ضعيفا يركز على صناعات استـهـلاكية كالنـسيـج وصناعات غذائية وبعض الصناعات الكيماوية الخفيفة، وكل هذا لتوفير الحاجات الضرورية للمعمرين.

هذه الوضعية تغيرت قليلا خلال الحرب العالمية الثانية حيث اضطر بعض أصحاب رؤوس الأموال لمغادرة فرنسا، والاستقرار بالمغرب لإقامة بعض الصناعات الكيماوية والميكانيكية في الدار البيضاء خصوصا.

لكن هذا لم يمنع المدينة من الاستمرار في لعب دور الوسيط الذي حدد لها سلفا، والدليل علــى ذلك أن أكبر المؤسسات كانت بنكية ومالية, مثل بنــك "الإتحاد باريسي" و" بنك باريس والأراضي المنخفضة "التي استثمرت في قطاعات استغلال منـاجم والـنقـل والصـنـاعات الاستهلاكية.

وقد أدى هذا التطور الاقتصـادي الذي شــهدته الدارالبيضاء إلى توافد أعداد من المهاجرين من الشاوية ودكالة تم بعد ذلك من مختلف أنحاء المغرب.


مواضيع قد تفيدك: