العاملات المنزليات في دول الخليج العربي:
إن العمالة المنزلية، التي تتكون غالبًا من النساء المهاجرات من دول آسيوية وأفريقية، تشكل جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي والاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي. يتزايد عدد هذه الفئة بشكل مطرد مع ارتفاع مستويات المعيشة والاحتياج إلى المساعدة في رعاية الأطفال والمسنين، والأعمال المنزلية الأخرى. على الرغم من الأهمية الحيوية لدورهن، تبرز قضايا معقدة تتعلق بحقوقهن وظروف عملهن، والتي غالبًا ما تكون محفورة بعمق في نظام الكفالة السائد في المنطقة.
نظام الكفالة والتحديات الهيكلية:
يعتبر نظام الكفالة، الذي يربط إقامة العامل/العاملة بصاحب العمل (الكفيل)، الإطار القانوني الرئيسي الذي يحكم توظيف العمالة الوافدة بما في ذلك العاملات المنزليات. يمنح هذا النظام صلاحيات واسعة لأصحاب العمل، مما يخلق بيئة يمكن أن تكون فيها العاملة المنزلية عرضة بشكل كبير للاستغلال. فبموجب الكفالة، يصبح انتقال العاملة إلى وظيفة أخرى أو سفرها معلقًا إلى حد كبير على موافقة الكفيل، ما يضعها في موقف ضعيف يصعب عليها فيه الإبلاغ عن الإساءة أو مغادرة مكان العمل المسيء دون التعرض لخطر الاحتجاز أو الترحيل.
قضايا حقوق الإنسان وظروف العمل:
تعاني العاملات المنزليات من تحديات جسيمة مرتبطة بظروف عملهن. وكثيرًا ما تبرز تقارير عن انتهاكات تشمل:
- ساعات عمل مفرطة: غالبًا ما تضطر العاملات إلى العمل لساعات طويلة دون فترات راحة كافية، وقد تصل الراحة اليومية إلى أقل من الساعات المنصوص عليها في بعض اللوائح.
- حجز الأجور وسرقتها: من القضايا المتكررة عدم دفع الرواتب في موعدها أو حجزها من قبل أصحاب العمل، رغم وجود تشريعات تسعى لتنظيم دفع الأجور.
- العزلة والاعتداء: بسبب طبيعة العمل داخل المنازل، تعيش العاملات في عزلة نسبية تجعل من الصعب عليهن طلب المساعدة، مما يرفع من خطر تعرضهن للاعتداءات اللفظية، الجسدية، وأحيانًا الجنسية.
- الاستثناء من قوانين العمل العامة: في كثير من دول الخليج، لا تخضع العمالة المنزلية لقوانين العمل العامة، بل تخضع للوائح وقوانين خاصة بها، والتي قد توفر حماية أضعف مقارنة ببقية فئات العمال.
الإصلاحات القانونية والحماية:
شهدت دول الخليج العربي جهودًا متزايدة لإصلاح الأنظمة القانونية لحماية العاملات المنزليات. بدأت بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والكويت في إدخال لوائح خاصة تنظم عمل هذه الفئة، وتتضمن:
- تحديد ساعات الراحة والإجازات: إقرار حق العاملة في عدد معين من ساعات الراحة اليومية ويوم عطلة أسبوعي وإجازة سنوية مدفوعة الأجر.
- العقد الموحد: اعتماد عقود عمل موحدة تهدف إلى تحديد الحقوق والواجبات بشكل واضح.
- آليات فض المنازعات: إنشاء لجان وجهات مختصة لتسوية المنازعات بين العاملات وأصحاب العمل.
- إصلاحات الكفالة: أجرت بعض الدول إصلاحات على نظام الكفالة، مثل تسهيل عملية نقل الكفالة في حالات محددة دون موافقة صاحب العمل الحالي، بهدف تقليل سيطرته.
على الرغم من هذه الإصلاحات، لا تزال التحديات قائمة في ضمان التطبيق الفعال لهذه القوانين على أرض الواقع، ومحاربة ثقافة الإفلات من العقاب في حالات الانتهاك. كما أن استمرار استثناء هذه الفئة من قانون العمل العام يترك فجوة كبيرة في الحماية.