منطقة الرياض: الموقع والتاريخ القديم
تتمركز منطقة الرياض جغرافياً في قلب المملكة العربية السعودية، وتُشكل واحدة من أهم مناطقها الإدارية والاقتصادية، وعاصمتها الإدارية هي مدينة الرياض، التي هي أيضاً عاصمة البلاد بأكملها.
إقليم اليمامة العريق:
التسمية القديمة: كانت منطقة الرياض تُعرف تاريخياً باسم إقليم اليمامة. ويُعد هذا الإقليم من الأقاليم التاريخية المعروفة في الجزيرة العربية.
- أصل التسمية: هناك قولان مشهوران لأصل تسمية اليمامة؛ أحدهما يشير إلى أن الاسم مشتق من طائر اليمام، والآخر يربطها بـ زرقاء اليمامة، وهي امرأة مشهورة في قصص العرب القديمة من قبيلة جديس.
- النفوذ السياسي: اتسم إقليم اليمامة في بعض الفترات التاريخية باتساع نفوذه السياسي، حيث كان يمتد أحياناً ليشمل مساحات واسعة تصل إلى حدود العراق شمالاً واليمن جنوباً، مما يدل على الأهمية الاستراتيجية والمكانة الكبيرة التي حظي بها قديماً.
مدينة حَجْر: العاصمة التاريخية لليَمامة
كانت حَجْر (بفتح الحاء والجيم الساكنة) هي مركز اليمامة وقصبتها، وتُعد الموقع الذي نشأت وتوسعت عليه مدينة الرياض الحالية.
التاريخ المبكر والازدهار
- أقدم السكان: يُشير أقدم نص عربي يذكر اليمامة كمدينة، نقلاً عن ابن خلدون، إلى أن قبيلة تُعرف بـ بني هِران كانت أول من استوطن إقليم اليمامة، وأن مدينة حَجْر كانت مركزاً حضرياً لهم. كما ورد ذكر حجر مقروناً بقبيلتي طَسْم وجَديس من العرب البائدة التي شيدت فيها حصوناً شهيرة.
- عهد بني حنيفة: شهدت حَجْر عصرها الذهبي في عهد بني حنيفة، الذين اتخذوها قاعدة لسلطانهم. وقد وصفها الرحالة ابن بطوطة في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) بأنها "مدينة حسنة خصبة ذات أنهار وأشجار".
- الدور التجاري: ازدهرت حَجْر تجارياً، حيث أقام فيها العرب سوقاً تجارياً سنوياً كان يُعقد في شهر المُحرّم من كل عام، مما يؤكد مكانتها كمركز اقتصادي هام.
التحول إلى "الرياض":
- أصل التسمية الحالية: يعتقد أن اسم الرياض قد ظهر عندما أصبحت أجزاء من حَجْر مهجورة، واتخذها الأهالي حدائق ومزارع وبساتين تُسمى "رياضاً"، والتي تعني الروضة أو المرج، واشتُقّ منها اسم المدينة الحالي.
- التوحيد الإداري: في القرن الثامن عشر الميلادي (الثاني عشر الهجري)، تم ضم محلتي مِقْرِن ومَعْكَال، وهما من أشهر أحيائها ومحلاتها، لتشكلا بلدة واحدة سُميت بـ الرياض، ثم أصبحت مقراً للإمارة ومنطلقاً للدولة السعودية.
التوزيع الإداري والمواقع الأثرية:
تنقسم منطقة الرياض إدارياً إلى عدد كبير من المحافظات التي تشمل الأقاليم التاريخية المعروفة في نجد.
- المحافظات والأقاليم: تشتمل المنطقة على محافظات موزعة على أقاليم مثل: العارض (الذي تقع فيه الرياض)، والوشم، وسدير، بالإضافة إلى مناطق مثل وادي الدواسر، والأفلاج، والخرج. وتضم المنطقة حالياً أكثر من 20 محافظة، منها على سبيل المثال لا الحصر: الدرعية، الدوادمي، المجمعة، القويعية، الزلفي، حوطة بني تميم، وعفيف.
- الأهمية الأثرية: كشفت الدراسات والمسوحات الأثرية عن وجود مواقع أثرية متعددة ومهمة في أنحاء المنطقة، تعود لفترات حضارية مختلفة تمتد من عصور ما قبل الإسلام حتى الفترات الإسلامية المبكرة والمتأخرة، مما يدل على عمق تاريخها الحضاري.