تخطيط جامع عمرو بن العاص.. الإصلاحات المتعاقبة أيام الفاطميين والأيوبيين والمماليك

كان المسجد في بدايته بسيطا بناه عمرو بطول 50X30 ذراعا أي ما يقرب من 29X17م وفرشه بالحصباء وسقفه بجريد النخل والطين وجعل أعمدته من جذوع النخل غير أنه لم يجعل له صحن ولا مئذنة ولا منبرا ولا محرابا مجوفا, وقد اشترك في تحديد قبلته نحو ثمانين صحابيا منهم الزبير بن العوام , والمقداد, وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء, وفضالة بين عبيد وعقبة بن عامر (رضي الله عنهم) وبرغم ذلك كانت قبلته منحرفة جهة الشرق.
وكان للمسجد بابان في الواجهة الشمالية واثنان في الغرب وبابان شرقا يواجهان منزل عمرو , وكان يحيط بالمسجد من جميع جهاته طريق عرضه سبعة أذرع أي حوالي أربعة أمتار.
ثم تتالت الزيادات بعد ذلك على أيدي الولاة والحكام وأولهم مسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر من قبل معاوية بن أبي سفيان في 53هـ/673م حيث زاد فيه من جهته الشمالية وجعل أمامه رحبة من هذه الناحية وبيضه وزخرفه وفرش أرضه بالحصر بدلا من الحصباء , كما أدخل فيه جزء من الطريق الفاصل بينه وبين دار عمرو من جهته الشرقية , وجعل له أربعة مآذن في أركانه الأربعة.
وفي سنة 79هـ/698م أزال والي مصر عبد العزيز مروان جدرانه ووسعه من الناحية الغربية وأدخل فيه الرحبة الشمالية, كذلك أمر عبد الملك بن مروان واليه على مصر سنة 89هـ برفع سقف المسجد وكان مطاطا.
وفي سنة 92هـ 710/711م أمر قرة بن شريك العبسي بهدم المسجد بأمر من الوليد بن عبد الملك وبدأ بنيانه من جديد في شعبان 92هـ وانتهى في 93هـ وزاد فيه قرة من الناحية القبلية والشرقية بعد أن أدخل فيه دار عمرو وبعضا من دار ابنه عبد الله بن عمرو وبقايا الطريق الذي بين المسجد وبينهما , وجعل فيه منبرا جديدا من الخشب سنة 94هـ كما أمر بعمل المحراب المجوف على غرار المحراب الذي عمره عمرو بن عبد العزيز في المسجد النبوي بالمدينة سنة 88هـ /706-707م وذهب تيجان الأعمدة الأربعة التي تتقدمه وأضاف إليه مقصورة تقليدا لمقصورة معاوية بالجامع لأموي بدمشق ثم صوب اتجاه القبلة الذي حرره عمرو وأصحابه , وفتح في المسجد أحد عشر بابا 4 في الشرق و4 الغرب وثلاثة في الجدار البحري.
وفي سنة 97هـ/715م بني أسامة بن زيد التنوخي متولي الخراج بمصر زمن سليمان بن عبد الملك بيت المال الذي يعلو الفوارة التي أضافها إلى الجامع فيما بعد الخليفة العزيز بالله الفاطمي سنة 378هـ/988م ويعتقد أن هذا النوع من المباني كان مخصصا لإيداع أموال اليتامى.
وفي سنة 133هـ/75م أدخل فيه صالح بن على العباسي دار الزبير بن العوام كما عمر جزءا من مؤخر الجامع وفتح باب الكحل بالجدار الشرقي.
وفي سنة 175هـ/791م أضاف موسى بن عيسى الهاشمي والي مصر نصف رحبة أبي أيوب من الناحية البحرية.
وفي سنة (212هـ/827م) أضاف عبد الله بن طاهر إلى المسجد مساحة تعادل مساحته وكانت هذه آخر الزيادات فأصبحت مساحة المسجد 120.5X112.5م ولا زالت كذلك حتى الآن , وقد احتفظ المسجد بتخطيطه منذ ذلك العهد حتى عمارة مراد بك سنة (212هـ/1106م) وكان للجامع 12 رواقا حتى سنة 406هـ/1106م ثم أضاف إليها الحاكم بأمر الله الفاطمي رواقين فأصبحت 24 رواقا وقد أدى هذان الرواقان إلى صغر حجم الصحن عما كان عليه قبل زمن الحاكم.
ويوجد بالمسجد زيادتان من طراز زيادات الجامع الطولوني أولهما البحرية والتي لا يعرف بالتحديد من صاحبها ولا تاريخ إلحاقها بالجامع وثانيها الغربية والتي يعرف جزئها القبلي بزيادة الخازن ألحقها سنة 357هـ/967م ويعرف باقيها برحبة الحارث ألحقها به سنة 239هـ (851 , 852م) والذي بلط زيادة بن طاهر واصلح السقف.
وقد تعرض المسجد للعديد من الإصلاحات المتعاقبة أيام الفاطميين والأيوبيين والمماليك.
وفي سنة 1212هـ/1798م قام مراد بك بتعديل رواق القبلة فهدم بائكاته وأعاد بناؤها مع تغيير اتجاهها الذي كان يوازي جدار القبلة في الأصل وجعله يتعامد عليه مما أدى إلى تقابل عقود بعض البائكات الجديدة بفتحات النوافذ في جدار القبلة , مما تطلب سد جميع النوافذ وحرمان هذا الجزء من الضوء , كما شيد به مئذنتين هم الباقيتين حتى الآن , وأثبت تاريخ هذه العمارة فوق الأبواب  الغربية والمحرابين الكبير والصغير برواق القبلة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال