مصادر الإثبات الرسمية للملكية العقارية: العقود التوثيقية والإدارية، العقود التصحيحية، والأحكام القضائية النهائية، وكيفيات إشهارها القانونية

سندات إثبات الملكية العقارية:

تُعدّ سندات إثبات الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية بمثابة المستندات الرسمية والقانونية التي تُؤسس وتُؤكد وجود ونقل هذه الحقوق. تنقسم هذه السندات إلى عدة أنواع رئيسية، وكلها تخضع لنفس الإجراءات والكيفيات المتعلقة بالإشهار العقاري لضمان حجيتها ونفاذها في مواجهة الغير.


1. العقود التوثيقية (العقود الرسمية):

تُمثل العقود التوثيقية (أو العقود الرسمية) المصدر الأساسي لإثبات الملكية العقارية، وهي تشمل كافة المحررات التي يحررها ويشهد عليها الموثقون أو العدول (حسب النظام القانوني للدولة) وفقًا للأشكال والإجراءات المنصوص عليها قانونًا.

  • التفصيل: تشمل هذه العقود جميع التصرفات القانونية المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، مثل:

  1. عقود البيع والشراء: لنقل ملكية العقار.
  2. عقود الهبة والوصية: لنقل الملكية دون مقابل أو بعد الوفاة.
  3. عقود المقايضة: لتبادل عقار بعقار آخر.
  4. عقود تأسيس الحقوق العينية التبعية: مثل الرهن الرسمي وحقوق الانتفاع والارتفاق.
  • الأهمية: تكتسب هذه العقود القوة الثبوتية المطلقة فيما ورد فيها من وقائع تمت على يد الموثق (التاريخ، هوية الأطراف، الإقرار بالدفع، إلخ) ولا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير.

2. العقود الإدارية:

تنشأ العقود الإدارية عن قرارات وتصرفات جهة الإدارة العامة، وتؤدي إلى إحداث أو نقل أو تعديل أو زوال حقوق عينية عقارية.

  • التفصيل: تشمل هذه الفئة وثائق الملكية الناتجة عن تدخل الدولة أو الهيئات العمومية، ومن الأمثلة عليها:

  1. قرارات التخصيص أو التمليك: للعقارات التابعة لأملاك الدولة أو العقارات التي تم نزع ملكيتها للمنفعة العامة.
  2. عقود التنازل عن أملاك الدولة الخاصة: لمصلحة الأفراد أو المؤسسات.
  3. سندات الملكية المُسلمة في إطار عمليات التطهير العقاري (التحفيظ أو التسجيل لأول مرة) التي تشرف عليها الجهات الإدارية المختصة.

  • الوضع القانوني: تخضع هذه العقود لأحكام القانون العام والتشريعات الإدارية الخاصة، وتكون لها أيضًا حجية الإثبات.

3. العقود التصحيحية:

تُستخدم العقود التصحيحية لتدارك وتصحيح الأخطاء المادية أو السهو أو الإغفال الذي قد يكون قد شابّ عقدًا أصليًا سابقًا (سواء كان توثيقيًا أو إداريًا) متعلقًا بحق عيني عقاري.

  • التفصيل: يمكن أن تكون العقود التصحيحية على نوعين:

  1. عقود إدارية تصحيحية: تصدرها الجهة الإدارية لتصحيح خطأ في قرار إداري سابق يتعلق بعقار.
  2. عقود توثيقية تصحيحية: يحررها الموثق أو العدول لتصحيح خطأ مادي (مثل رقم القطعة، مساحة العقار، هوية أحد الأطراف) في عقد توثيقي سابق، بشرط موافقة جميع الأطراف المعنيين أو بقرار قضائي في حال الخلاف.

  • الهدف: ضمان التطابق التام بين الحالة الواقعية والقانونية للعقار وبين ما هو مُسجل في السجلات العقارية الرسمية.

4. الأحكام القضائية النهائية وجداول تسجيل الرهون:

تُعدّ الأحكام القضائية النهائية ذات أهمية قصوى في إثبات الملكية، لا سيما في حالات النزاع، كما أن جداول تسجيل الحقوق التبعية تُعدّ دليلاً على وجودها.

  • الأحكام القضائية: تشمل كل حكم أو قرار قضائي اكتسب قوة الشيء المقضي به وحسم نزاعًا يتعلق بإثبات أو نفي أو تغيير حق عيني عقاري.
أمثلة: أحكام ثبوت الملكية، أحكام القسمة والفرز، أحكام فسخ عقود البيع، أحكام نزع الملكية غير المباشر، وأحكام تصحيح السجلات العقارية بناءً على نزاع.
  • جداول تسجيل الرهون والامتيازات: لا تثبت هذه الجداول ملكية العقار ذاته، بل تثبت وجود ومرتبة الحقوق العينية التبعية المُثقل بها العقار، مثل الرهون الرسمية والامتيازات المقررة لدائنين معينين. تُعدّ هذه الجداول سندات إثبات قوية لوجود هذا الدين ومرتبته على العقار.

الإشهار العقاري والإجراءات المشتركة:

تخضع جميع هذه السندات (العقود التوثيقية، الإدارية، التصحيحية، والأحكام القضائية) لنفس كيفيات وإجراءات الإشهار العقاري.

  • الإجراءات: يتمثل الإشهار عادة في تسجيل أو تقييد أو إيداع هذه الوثائق والمستندات في السجلات والوثائق الرسمية للإدارة العقارية المختصة (مثل المحافظة العقارية).
  • الغاية: جعل الحقوق المثبتة في هذه السندات نافذة في مواجهة الغير، أي أن لا يحتج أحد بملكيته أو حقه إلا إذا كان مسجلاً ومُشهراً وفقاً للقانون. بعبارة أخرى، لا يُمكن الاحتجاج بالملكية إلا بالإشهار.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال