السيطرة الأمريكية والتغير في دور البنك والصندوق الدوليين.. إلغاء قابلية الصرف والتحويل الدولاري الذهبي انهيار قاعدة بريتون وودز



جاء تأسيس الصندوق النقدي الدولي ليضمن استقرار أسعار الصرف العالمية و هذا ما التزمت به الولايات المتحدة طالما كان يخدم مصالحها في الفترة الأولى من عمر الصندوق التي تحدثنا عنها لكن النمو السريع لدول أوربا و اليابان و تجارتها الخارجية أدى إلى تزايد الوزن النسبي لهما في الاقتصاد العالمي على حساب الاقتصاد الأمريكي وحصة الولايات المتحدة من إجمالي التجارة العالمية.
 هذا ما دفع بالولايات المتحدة إلى إتباع سياسات الاستدانة المجانية عن طريق ضخ الدولارات في السوق العالمية لتحقيق أعلى مكاسب ممكنة.
و بدأ الشك يدور حول مستقبل الدولار و استمر هذا الشك في التصاعد في الستينات إذ كان هذا العقد مليئا الاضطرابات فقد عرف العالم خلال الفترة 1965 – 1971 حروبا نقدية شديدة تمثلت في التقلبات العنيفة في أسعار الصرف واشتداد المضاربات على الذهب و لم يكن ذلك إلا تعبيراً عن العلاقات الجديدة التي بدأت  تتبلور بين المراكز الثلاثة الرئيسية لمنظومة الاقتصاد الرأسمالي العالمي (الولايات المتحدة – دول غرب أوربا – اليابان) وبروز عملاتها كعملات دولية قوية.
إن ارتفاع الوزن النسبي للاقتصاد الياباني و الأوربي (ألمانيا و فرنسا) قد خلق ظروفاً موضوعية للتقليل من الاعتماد على الدولار بوصفه عملة احتياط دولية.
في خضم هذه التطورات قام صندوق النقد الدولي باتخاذ بعض الإجراءات الكفيلة بزيادة موارده فبعد أن اتخذ عام 1959 قرارا بزيادة حصة الدول الأعضاء قام عام 1962 بابتكار ما سمي بالترتيبات العامة للإقراض و التي مكنته من اقتراض مبلغ في حدود ستة مليارات دولار من مجموعة الدول التي كونت ما سمي بمجموعة الدول العشرة و هي عبارة عن نوع من الائتمان المتبادل مع السوق الرأسمالية الصناعية الكبرى.
وتتم تحت رقابة الصندوق و أول من قام باستخدامها بريطانيا.
وعلى ضوء ما سبق و نتيجة عدم كفاية موارد الصندوق لمواجهة احتياجات السيولة الدولية اتجه الصندوق إلى ابتكار وحدات حقوق السحب الخاصة كمورد إضافي للسيولة ابتدءاً من عام 1962.
ترافق ذلك مع ازدياد الضغوط على الدولار من اجل تحويله إلى ذهب مع العجز المستمر في ميزان المدفوعات الأمريكية والنقص في الأرصدة الذهبية و بالتالي قدرتها على الالتزام بهذا التحويل وفق المبدأ المحدد ب35 دولار للأونصة الذهبية.
وهنا عادت الولايات المتحدة لتنفرد في قرارها وتلغي قابلية الصرف والتحويل الدولاري الذهبي بقرار نيكسون في 15 آب 1971 وليعلن انهيار قاعدة بريتون وودز وانهيار المبدأ الأساسي للصندوق النقدي الدولي.


مواضيع قد تفيدك: